الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      سيف الدولة

                                                                                      أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان صاحب حلب مقصد الوفود وكعبة الجود وفارس الإسلام وحامل لواء الجهاد .

                                                                                      كان أديبا مليح النظم ، فيه تشيع .

                                                                                      [ ص: 188 ] ويقال : ما اجتمع بباب ملك من الشعراء ما اجتمع ببابه .

                                                                                      وكان يقول : عطاء الشعراء من فرائض الأمراء .

                                                                                      وقد جمع له من المدائح مجلدان .

                                                                                      أخذ حلب من الكلابي نائب الإخشذ في سنة ثلاث وثلاثين ، وقبلها أخذ واسطا ، وتنقلت به الأحوال ، وتملك دمشق مدة ، ثم عادت إلى الإخشيذية ، وهزم العدو مرات كثيرة .

                                                                                      يقال : تم له من الروم أربعون وقعة ، أكثرها ينصره الله عليهم .

                                                                                      وقيل : إنه في عيد نفذ إلى الناس ضحايا لا تعد كثرة ، فبعث إلى اثني عشر ألف إنسان ، فكان أكثر ما يبعث إلى الكثير منهم مائة رأس .

                                                                                      وتوفيت أخته ، فخلفت له خمسمائة ألف دينار ، فافتك بجميعها أسرى .

                                                                                      التقاه كافور ، فنصر سيف الدولة بظاهر حمص ، ونازل دمشق ، ثم التقاه الإخشيذ ، فهزم سيف الدولة ، وأدرك الإخشيذ الأجل بدمشق ، فوثب سيف الدولة عليها ، ولم ينصف أهلها ، واستولى على بعض أرضهم ، فكاتب العقيقي والكبراء بعد سنة صاحب مصر ، فجاء إليهم كافور .

                                                                                      مولده في سنة إحدى وثلاثمائة وله غزو ما اتفق لملك غيره ، وكان يضرب بشجاعته المثل ، وله وقع في النفوس ، فالله يرحمه .

                                                                                      مات بالفالج - وقيل : بعسر البول - في صفر سنة ست وخمسين ولما احتضر أخذ على الأمراء العهد لابنه أبي المعالي . مات يوم جمعة قبل الصلاة ، وغسل ، ثم عمل بصبر ، ومر ، ومنوين كافور ، ومائة مثقال غالية ، وكفن [ ص: 189 ] في أثواب قيمتها ألف دينار . وكبر عليه القاضي العلوي خمسا . ولما بلغ معز الدولة بالعراق موته ، جزع عليه وقال : أيامي لا تطول بعده ، وكذا وقع . ثم نقلوه إلى ميافارقين فدفن عند أمه . وكان قد جمع من الغبار الذي يقع عليه وقت المصافات ما جبل في قدر الكف ، وأوصى أن يوضع على خده .

                                                                                      وكانت دولته نيفا وعشرين سنة ، وبقي بعده ابنه سعد الدولة في ولاية حلب خمسا وعشرين سنة .

                                                                                      وقد أسر ابن عمهم الأمير شاعر زمانه ، أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان ، فبقي في قسطنطينية سنوات ، ثم فداه سيف الدولة ، وكان بديع الحسن ، وكان صاحب منبج ، ثم تملك حمص ، فقتل عن سبع وثلاثين سنة ، سنة سبع وخمسين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية