الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الفضل بن يحيى

                                                                                      وكان ابنه الفضل من رجال الكمال ، ولي إمرة خراسان ، وعمل الوزارة وكان فيها - قيل - أسخى من جعفر ، ولكنه يضرب بكبره وتيهه المثل ، وصل مرة لعمرو التميمي بستين ألف دينار . وكان أخا للرشيد من الرضاعة ، مات كهلا سنة اثنتين وتسعين . مسجونا ، وكان قد أخرب بيت النار الذي ببلخ ، وكان جدهم برمك موبدان به .

                                                                                      وعمل الوزارة مدة لهارون ، ثم حولها منه إلى جعفر ، واستعمل على المشرق كله هذا ، واستعمل جعفرا على المغرب كله .

                                                                                      وكان الفضل غارقا في اللذات المادية ، حتى تعطلت الأمور ، فكتب إليه الشيخ النحس أبوه بأن يتستر ويقنع بالليل ، فسمع منه . وكان على هناته شجاعا مهيبا ، كثير الغزو ، وكان يقول : تعلمت الكرم والتيه من عمارة بن حمزة أتيته في جائحة لأبي ، فطولب بأموال ، فكلمته ، فما بش بي ، وطلبت منه أن يقرضنا ثلاثة آلاف ألف درهم ، فقال : حتى ننظر . ورحت ، [ ص: 92 ] فوجدت المال قد بعث به إلى أبي ، ثم عاد أبي إلى رتبته ، وحصل ، ثم بعث معي بالوفاء ، فكلمته ، فقال : ويحك أكنت صيرفيا لأبيك ؟ اخرج عني ، وخذ المال لك ، فرددت بالمال إلى أبي ، فأعطاني منه ألف ألف درهم .

                                                                                      وقيل : أتاه رجل يمت بأمر فقال : يا هذا ، ما حاجتك ؟ قال : رثاثة ملبسي تخبرك . قال : فيم تمت ؟ قال : إني في سنك ، ومن جيرانك ، واسمي كاسمك . قال : وما علمك بالولادة ؟ قال : حكت لي أمي أنها ولدتني صبيحة مولدك ، وقيل لها : ولد الليلة ليحيى بن خالد ابن سموه : الفضل ، قال : فسمتني أمي : الفضيل إكبارا لاسمك ، فتبسم الفضل ، وأمر له بخمسة وأربعين ألفا ومركوبا ، ثم استعمله ديوانا .

                                                                                      ضرب الفضل مائتي سوط في المصادرة حتى كاد يتلف ، ثم داواه الجرائحي مدة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية