الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      السري بن المغلس السقطي

                                                                                      الإمام القدوة ، شيخ الإسلام أبو الحسن البغدادي .

                                                                                      ولد في حدود الستين ومائة .

                                                                                      وحدث عن : الفضيل بن عياض ، وهشيم بن بشير ، وأبي بكر بن عياش ، وعلي بن غراب ، ويزيد بن هارون ، وغيرهم بأحاديث قليلة . واشتغل بالعبادة ، وصحب معروفا الكرخي ، وهو أجل أصحابه .

                                                                                      روى عنه : الجنيد بن محمد ، والنوري أبو الحسين ، وأبو العباس بن مسروق ، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي ، وعبد الله بن شاكر ، فروى ابن شاكر عنه ، قال : صليت وردي ليلة ، ومددت رجلي في المحراب ، فنوديت : يا سري ، كذا تجالس الملوك! فضممتها ، وقلت : وعزتك لا مددتها .

                                                                                      قال أبو بكر الحربي : سمعت السري يقول : حمدت الله مرة ، فأنا [ ص: 186 ] أستغفر من ذلك الحمد منذ ثلاثين سنة . قيل : وكيف ذاك ؟ قال : كان لي دكان فيه متاع ، فاحترق السوق ، فلقيني رجل ، فقال : أبشر ، دكانك سلمت ، فقلت : الحمد لله ، ثم فكرت ، فرأيتها خطيئة .

                                                                                      ويقال : إن السري رأى جارية سقط من يدها إناء ، فانكسر ، فأخذ من دكانه إناء ، فأعطاها ، فرآه معروف الكرخي ، فدعا له ، قال : بغض الله إليك الدنيا . قال : فهذا الذي أنا فيه من بركات معروف .

                                                                                      وقال الجنيد : سمعت سريا يقول : أشتهي منذ ثلاثين جزرة أغمسها في دبس وآكلها ، فما يصح لي . وسمعته يقول : أحب أن آكل أكلة ليس لله علي فيها تبعة ، ولا لمخلوق فيها منة ، فما أجد إلى ذلك سبيلا . ودخلت على السري وهو يجود بنفسه ، فقلت : أوصني .

                                                                                      قال : لا تصحب الأشرار ، ولا تشتغلن عن الله بمجالسة الأخيار .

                                                                                      قال الفرخاني : سمعت الجنيد يقول : ما رأيت أعبد لله من السري ، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رئي مضطجعا إلا في علة الموت .

                                                                                      قال الجنيد : وسمعته يقول : إني لأنظر إلى أنفي كل يوم مخافة أن [ ص: 187 ] يكون وجهي قد اسود ، وما أحب أن أموت حيث أعرف ، أخاف أن لا تقبلني الأرض ، فأفتضح . وسمعته يقول : فاتني جزء من وردي ، فلا يمكنني قضاؤه ، يعني لاستغراق أوقاته .

                                                                                      قال أبو عبد الرحمن السلمي : كان السري أول من أظهر ببغداد لسان التوحيد ، وتكلم في علوم الحقائق . وهو إمام البغداديين في الإشارات .

                                                                                      قلت : وممن صحبه العباس بن يوسف الشكلي ، ومحمد بن الفضل ابن جابر السقطي .

                                                                                      توفي في شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين . وقيل : توفي سنة إحدى وخمسين . وقيل : سنة سبع وخمسين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية