الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الساجي

                                                                                      الحافظ الإمام المجود ، مفيد الجماعة أبو نصر المؤتمن بن أحمد بن علي بن حسين بن عبيد الله الربعي الديرعاقولي البغدادي الساجي .

                                                                                      قال لابن ناصر : ولدت في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة .

                                                                                      سمعت علي بن أحمد الفقيه ، أخبرنا جعفر بن علي ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ، سمعت المؤتمن الساجي يقول : ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من أبي بكر الخطيب .

                                                                                      وسمعت المؤتمن يقول : كان الخطيب يقول : من صنف ، فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس .

                                                                                      [ ص: 309 ] سمع عبد العزيز بن علي الأنماطي ، وأبا الحسين بن النقور ، وأبا القاسم بن البسري ، وعبد الله بن الحسن الخلال ، وإسماعيل بن مسعدة ، وأبا نصر الزينبي ، وأبا عثمان بن ورقاء - لقيه بالقدس - وأبا عمرو عبد الوهاب بن منده ، وأبا منصور بن شكرويه ، وأبا بكر بن خلف الشيرازي ، وأبا علي التستري ، وشيخ الإسلام الأنصاري ، والقاضي أبا عامر الأزدي ، وأمما سواهم ، وأقدم شيخ له أبو بكر الخطيب ، سمع منه بصور ، وكتب ما لا يوصف كثرة ، ثم أقبل على شأنه ، وعبد الله حتى أتاه اليقين ، وقد سمع بحلب من الحسن بن مكي الشيزري .

                                                                                      حدث عنه : ابن ناصر ، وسعد الخير الأندلسي ، وأبو المعمر الأنصاري ، ومحمد بن أبي بكر السنجي ، وأبو سعد البغدادي ، وأبو طاهر السلفي ، ومحمد بن علي بن فولاذ ، وأبو بكر السمعاني ، وعدة ، وقل ما روى بالنسبة .

                                                                                      قال أبو القاسم بن عساكر سمعت أبا الوقت يقول : كان الإمام عبد الله بن محمد الأنصاري إذا رأى المؤتمن يقول : لا يمكن أحد أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام هذا حيا .

                                                                                      وحدثني أخي أبو الحسين هبة الله قال : سألت السلفي عن المؤتمن الساجي ، فقال : حافظ متقن ، لم أر أحسن قراءة للحديث منه ، تفقه على الشيخ أبي إسحاق ، وكتب " الشامل " عن ابن الصباغ بخطه ، [ ص: 310 ] ثم خرح إلى الشام ، فأقام بالقدس زمانا ، وذكر لي أنه سمع من لفظ الخطيب حديثا واحدا بصور ، غير أنه لم يكن عنده نسخة ، وكتب ببغداد " كامل ابن عدي " عن ابن مسعدة الإسماعيلي ، وكتب بالبصرة " سنن أبي داود " . انتفعت بصحبته .

                                                                                      وقال أبو النضر الفامي أقام المؤتمن بهراة عشر سنين ، وقرأ الكثير ، ونسخ الترمذي ست كرات ، وكان فيه صلف نفس ، وقناعة ، وعفة ، واشتغال بما يعنيه .

                                                                                      قال أبو بكر السمعاني : ما رأيت بالعراق من يفهم الحديث غير المؤتمن ، وبأصبهان إسماعيل بن محمد .

                                                                                      قال السلفي : كان المؤتمن لا تمل قراءته ، قرأ لنا على ابن الطيوري كتاب " الفاصل " للرامهرمزي في مجلس .

                                                                                      وللسلفي :

                                                                                      متى رمت أن تلقين حافظا يكون لدى الكل بالمؤتمن     عليك ببغداد شرقيها
                                                                                      لتلقى أبا نصر المؤتمن

                                                                                      وقال يحيى بن منده : قرأ المؤتمن على أبي كتاب " معرفة الصحابة " ، وكتاب " التوحيد " ، و " الأمالي " ، وحديث ابن عيينة [ ص: 311 ] لجدي ، فلما أخذ في قراءة " غرائب شعبة " ، فلما بلغ إلى حديث عمر في لبس الحرير مات أبي بعد عشاء الآخرة ، فهذا ما رأينا . وذكر حكاية ابن طاهر أن المؤتمن إنما تمم كتاب الصحابة على أبي عمرو بعد موته وردها ، وقال لابن طاهر : يجب أن تصلح هذا ، فإنه كذب . قال : وكان المؤتمن متورعا زاهدا ، صابرا على الفقر .

                                                                                      قال ابن ناصر : توفي المؤتمن في صفر سنة سبع وخمسمائة ببغداد ، وصليت عليه ، وكان عالما ثقة ، فهما مأمونا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية