الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الدزبري

                                                                                      أمير الجيوش المظفر ، سيف الخلافة ، عضد الدولة ، أبو منصور ، نوشتكين بن عبد الله التركي .

                                                                                      اشتراه بدمشق سنة أربعمائة القائد تزبر الديلمي ، فرأى منه فرط شهامة وإقدام ، وشاع ذكره ، فقدمه للحاكم ، وقيل : بل نفذ الحاكم بطلبه في سنة [ ص: 512 ] ثلاث وأربعمائة . وجعل بين المماليك الحجرية فقهرهم واستطال ، فضربه واليهم ، ثم لزم الخدمة ، وتودد إلى الأمراء ، فارتضاه الحاكم ، وأعجب به ، فأمره ، وبعثه إلى دمشق سنة ست ، فتلقاه تزبر ، فتأدب وترجل لمولاه ، ثم أعيد إلى مصر ، وجرد إلى الريف ، ثم بعث واليا على بعلبك ، وحسنت سيرته ، ثم نقل إلى قيسارية ، واتفق قتل متولي حلب فاتك ; قتله غلامه ، ثم ولي فلسطين ، فخافه ملك العرب حسن بن مفرج الطائي ، وقلق ، وجرت لأمير الجيوش هذا وقائع ، ودوخ العرب ، فخبث حسان ، وكاتب فيه وزير مصر الحسن بن صالح ، فأمسكه بحيلة دبرت له سنة سبع عشرة وأربعمائة ، فشفع فيه سعيد السعداء ، فأطلق له ، ثم ترقى ، وكثرت غلمانه وأمواله .

                                                                                      وأما الشام ، فعاثت العرب فيها ، وأفسدت ، ووزر نجيب الدولة الجرجرائي ، فقدم نوشتكين على العساكر سبعة آلاف ، فقصد حسان وصالح بن مرداس ، فكانت المصاف على الأقحوانة ، فهزم العرب ، وقتل صالح فبعثت الخلع إلى نوشتكين ، ثم نازل حلب ، ثم عاد إلى دمشق ، ونزل بالقصر ، ثم رد إلى حلب ودخلها ، فأحسن إلى الرعية ، وعدل ، ثم تغير ، وشرب الخمر ، فجاء كتاب بذمه وتهديده ، فقلق وتنصل ، وكتب : من عبد الدولة العلوية ، والإمامية الفاطمية متبرئا من ذنوبه [ ص: 513 ] لائذا بالعفو ، ثم حم ، وطلب طبيبا ، فوصف له مسهلا ، فأبى ، وأصابه فالج أبطل يده ورجله ، ثم مات بعد أيام من جمادى الأولى ، سنة ثلاث وثلاثين . بحلب ومما خلف من النقد ستمائة ألف دينار ، وأصله من بلاد ختن ، ومن قواده مقلد بن منقذ الكناني .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية