الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 65 ] ابن زياد النيسابوري

                                                                                      الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون النيسابوري ، مولى أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، الأموي الحافظ الشافعي ، صاحب التصانيف .

                                                                                      تفقه بالمزني ، والربيع ، وابن عبد الحكم ، وسمع منهم ، ومن محمد بن يحيى الذهلي ، وأحمد بن يوسف السلمي ، ويونس بن عبد الأعلى ، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، وأبي زرعة الرازي ، والعباس بن الوليد العذري ، ومحمد بن عزيز الأيلي ، وابن وارة ، وابن حاتم ، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر ، وبكار بن قتيبة ، وأبي بكر الصاغاني ، وخلق كثير من طبقتهم وبرع في العلمين : الحديث والفقه ، وفاق الأقران .

                                                                                      أخذ عنه : موسى بن هارون الحافظ ، وهو أكبر منه ، بل من شيوخه ، وروى عنه ابن عقدة ، وأبو إسحاق بن حمزة ، وحمزة بن محمد الكناني ، وابن المظفر ، والدارقطني ، وابن شاهين ، وأبو حفص الكتاني ، وعبيد الله بن أحمد الصيدلاني ، وإبراهيم بن عبد الله بن خرشيد قولة ، وخلق سواهم .

                                                                                      قال أبو عبد الله الحاكم : كان إمام الشافعيين في عصره بالعراق ، ومن [ ص: 66 ] أحفظ الناس للفقهيات واختلاف الصحابة . سمع بنيسابور ، والعراق ، ومصر ، والشام ، والحجاز .

                                                                                      قال البرقاني : سمعت الدارقطني يقول : ما رأيت أحدا أحفظ من أبي بكر النيسابوري .

                                                                                      وقال أبو عبد الرحمن السلمي : سألت الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري فقال : لم نر مثله في مشايخنا ، لم نر أحفظ منه للأسانيد والمتون ، وكان أفقه المشايخ ، وجالس المزني والربيع ، وكان يعرف زيادات الألفاظ في المتون ، ولما قعد للتحديث قالوا : حدث . قال : بل سلوا ، فسئل عن أحاديث فأجاب فيها ، وأملاها ثم بعد ذلك ابتدأ فحدث .

                                                                                      قال أبو الفتح يوسف القواس : سمعت أبا بكر النيسابوري يقول : تعرف من أقام أربعين سنة لم ينم الليل ، ويتقوت كل يوم بخمس حبات ، ويصلي صلاة الغداة على طهارة عشاء الآخرة ؟ ثم قال : أنا هو ، وهذا كله قبل أن أعرف أم عبد الرحمن ، أيش أقول لمن زوجني ؟ ثم قال : ما أراد إلا الخير .

                                                                                      قلت : قد كان أبو بكر من الحفاظ المجودين .

                                                                                      مات في شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثلاثمائة عن بضع وثمانين سنة .

                                                                                      [ ص: 67 ] قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق المؤيد بمصر ، أخبركم الفتح بن عبد السلام ببغداد ، أخبرنا هبة الله بن الحسين الحاسب ، وأجاز لنا ابن أبي عمر ، وأبو زكريا بن الصيرفي ، قالا : أخبرنا أبو الفتوح محمد بن علي التاجر سنة ثمان وستمائة ، أخبرنا هبه الله الحاسب ، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور ، حدثنا عيسى بن علي إملاء ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد ، حدثنا محمد بن يحيى ، ومحمد بن إشكاب ، قالا : حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن حبيب بن الشهيد ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، قال : قال عمر : علي أقضانا ، وأبي أقرؤنا .

                                                                                      قال أبو إسحاق . ولابن زياد كتاب " زيادات كتاب المزني " .

                                                                                      قال الدارقطني : كنا نتذاكر فسألهم فقيه : من روى : وجعلت تربتها لنا طهورا ؟ فقام الجماعة إلى أبي بكر بن زياد فسألوه ، فساق الحديث [ ص: 68 ] في الحال من حفظه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية