الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو حامد الإسفراييني

                                                                                      الأستاذ العلامة ، شيخ الإسلام ، أبو حامد ، أحمد بن أبي طاهر [ ص: 194 ] محمد بن أحمد الإسفراييني ، شيخ الشافعية ببغداد .

                                                                                      ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة .

                                                                                      وقدم بغداد وله عشرون سنة ، فتفقه على أبي الحسن بن المرزبان ، وأبي القاسم الداركي . وبرع في المذهب ، وأربى على المتقدمين ، وعظم جاهه عند الملوك .

                                                                                      حدث عن : عبد الله بن عدي ، وأبي بكر الإسماعيلي ، وسمع " السنن " من الدارقطني .

                                                                                      حدث عنه تلامذته أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي والفقيه سليم الرازي ، وأبو علي السنجي ، وأبو الحسن المحاملي وآخرون .

                                                                                      قال الشيخ أبو إسحاق في " الطبقات " : انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد ، وعلق عنه تعاليق في شرح المزني ، وطبق الأرض بالأصحاب ، وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقه .

                                                                                      وقال الشيخ محيي الدين النواوي : تعليقة الشيخ أبي حامد في نحو من خمسين مجلدا ، ذكر فيها مذاهب العلماء ، وبسط أدلتها والجواب عنها ، تفقه عليه جماعة منهم : أبو علي السنجي ، وقد تفقه السنجي على القفال أيضا ، وهما شيخا طريقتي العراق وخراسان ، وعنهما انتشر المذهب . [ ص: 195 ]

                                                                                      قال الخطيب حدثونا عن أبي حامد ، وكان ثقة ، حضرت تدريسه في مسجد ابن المبارك ، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبعمائة فقيه ، وكان الناس يقولون : لو رآه الشافعي لفرح به .

                                                                                      قال الخطيب وحدثني أبو إسحاق الشيرازي قال : سألت القاضي أبا عبد الله الصيمري : من أنظر من رأيت من الفقهاء ؟ فقال : أبو حامد الإسفراييني .

                                                                                      قال أبو حيان التوحيدي في رسالة له : سمعت الشيخ أبا حامد يقول لطاهر العباداني : لا تعلق كثيرا مما تسمع هنا في مجالس الجدل ، فإن الكلام يجري فيها على ختل الخصم ومغالطته ودفعه ومغالبته ، فلسنا نتكلم لوجه الله خالصا ، ولو أردنا ، لكان خطونا إلى الصمت أسرع من تطاولنا في الكلام ، وإن كنا في كثير من هذا نبوء بغضب الله ، فإنا نطمع في سعة رحمة الله .

                                                                                      قلت : أبو حيان غير معتمد .

                                                                                      قال ابن الصلاح : وعلى الشيخ أبي حامد تأول بعض العلماء حديث : إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها فكان الشافعي على رأس المائتين ، وابن سريج على رأس الثلاثمائة ، وأبو حامد على رأس الأربعمائة . [ ص: 196 ]

                                                                                      وروي عن سليم الرازي قال : كان أبو حامد في أول أمره يحرس في درب ، وكان يطالع على زيت الحرس وإنه أفتى وهو ابن سبع عشرة سنة .

                                                                                      قال الخطيب مات أبو حامد في شوال ، سنة ست وأربعمائة ، وكان يوما مشهودا ، ودفن في داره ، ثم نقل بعد أربع سنين ، ودفن بباب حرب - رحمه الله .

                                                                                      ومات معه باديس بن منصور الحميري ، صاحب المغرب ، وشيخ الصوفية أبو علي الدقاق وأبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر ، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي وشيخ مكة عبيد الله بن محمد السقطي وشيخ بغداد أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضي وأبو الفرج عثمان بن أحمد البرجي بأصبهان ، وشيخ المتكلمين أبو بكر بن فورك . [ ص: 197 ]

                                                                                      أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه ، أخبرنا إلياس بن أحمد ، أخبرنا حمزة بن كروس ، أخبرنا الفقيه نصر بن إبراهيم ، حدثنا سليم بن أيوب ، حدثنا أبو حامد أحمد بن أبي طاهر ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الشعراني ، حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا حبان بن موسى ، حدثنا ابن المبارك ، عن كهمس ، عن ابن بريدة ، عن يحيى بن يعمر قال : ظهر هاهنا معبد الجهني ، وهو أول من قال في القدر هاهنا ، وذكر الحديث .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية