الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب القراءة عن ظهر القلب

                                                                                                                                                                                                        4742 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال هل عندك من شيء فقال لا والله يا رسول الله قال اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا فذهب ثم رجع فقال لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئا قال انظر ولو خاتما من حديد فذهب ثم رجع فقال لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد ولكن هذا إزاري قال سهل ما له رداء فلها نصفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك شيء فجلس الرجل حتى طال مجلسه ثم قام فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا فأمر به فدعي فلما جاء قال ماذا معك من القرآن قال معي سورة كذا وسورة كذا وسورة كذا عدها قال أتقرؤهن عن ظهر قلبك قال نعم قال اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب القراءة عن ظهر القلب ) ذكر فيه حديث سهل في الواهبة مطولا ، وهو ظاهر فيما ترجم له لقوله فيه أتقرؤهن عن ظهر قلبك ؟ قال : نعم فدل على فضل القراءة عن ظهر القلب لأنها أمكن في التوصل إلى التعليم وقال ابن كثير : إن كان البخاري أراد بهذا الحديث الدلالة على أن تلاوة القرآن عن ظهر قلب أفضل من تلاوته نظرا من المصحف ففيه نظر ، لأنها قضية عين فيحتمل أن يكون الرجل كان لا يحسن الكتابة وعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك فلا يدل ذلك على أن التلاوة عن ظهر قلب أفضل في حق من يحسن ومن لا يحسن ، وأيضا فإن سياق هذا الحديث إنما هو لاستثبات أنه يحفظ تلك السور عن ظهر قلب ليتمكن من تعليمه لزوجته ، وليس المراد أن هذا أفضل من التلاوة نظرا ولا عدمه . قلت : ولا يرد على البخاري شيء مما ذكر ، لأن المراد بقوله " باب القراءة عن ظهر قلب " مشروعيتها أو استحبابها ، والحديث مطابق لما ترجم به ، ولم يتعرض لكونها أفضل من القراءة نظرا . وقد صرح كثير من العلماء بأن القراءة من المصحف نظرا أفضل من القراءة عن ظهر قلب . وأخرج أبو عبيد في " فضائل القرآن " من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي [ ص: 697 ] - صلى الله عليه وسلم - رفعه قال : فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرؤه ظهرا كفضل الفريضة على النافلة وإسناده ضعيف ، ومن طريق ابن مسعود موقوفا أديموا النظر في المصحف وإسناده صحيح ، ومن حيث المعنى أن القراءة في المصحف أسلم من الغلط ، لكن القراءة عن ظهر قلب أبعد من الرياء وأمكن للخشوع . والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص . وأخرج ابن أبي داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة اقرءوا القرآن ، ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة ، فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن وزعم ابن بطال أن في قوله : أتقرؤهن عن ظهر قلب ؟ ردا لما تأوله الشافعي في إنكاح الرجل على أن صداقها أجرة تعليمها ، كذا قال ولا دلالة فيه لما ذكر ، بل ظاهر سياقه أنه استثبته كما تقدم . والله أعلم




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية