الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما شرائط صحته فنوعان : نوع يرجع إلى المعتكف ، ونوع يرجع إلى المعتكف فيه .

                                                                                                                                أما ما يرجع إلى المعتكف فمنها : الإسلام والعقل والطهارة عن الجنابة والحيض والنفاس ، وإنها شرط الجواز في نوعي الاعتكاف الواجب والتطوع جميعا ; لأن الكافر ليس من أهل العبادة .

                                                                                                                                وكذا المجنون ; لأن العبادة لا تؤدى إلا بالنية وهو ليس من أهل النية .

                                                                                                                                والجنب والحائض والنفساء ممنوعون عن المسجد وهذه العبادة لا تؤدى إلا في المسجد وأما البلوغ فليس بشرط لصحة الاعتكاف فيصح من الصبي العاقل ; لأنه من أهل العبادة ، كما يصح منه صوم التطوع .

                                                                                                                                ولا تشترط الذكورة والحرية فيصح من المرأة والعبد بإذن المولى والزوج ، إن كان لها زوج ; لأنهما من أهل العبادة ، وإنما المانع حق الزوج والمولى ، فإذا وجد الإذن فقد زال المانع ولو نذر المملوك اعتكافا فللمولى أن يمنعه عنه ، فإذا أعتق قضاه ، وكذلك المرأة إذا نذرت فلزوجها أن يمنعها فإذا بانت قضت ; لأن للزوج ملك المنفعة فيها ، وللولي ملك الذات والمنفعة في المملوك ، وفي الاعتكاف تأخير [ ص: 109 ] حقهما في استيفاء المنفعة فكان لهما المنع ما داما في ملك الزوج والمولى فإذا بانت المرأة وأعتق المملوك ; لزمهما قضاؤه ، ولأن النذر منهما قد صح لوجوده من الأهل لكنهما منعا لحق المولى والزوج ، فإذا سقط حقهما بالعتق والبينونة فقد زال المانع فيلزمهما القضاء وأما المكاتب فليس للولي أن يمنعه من الاعتكاف الواجب والتطوع ; لأن المولى لا يملك منافع مكاتبه ; فكان كالحر في حق منافعه .

                                                                                                                                وإذا أذن الرجل لزوجته بالاعتكاف ; لم يكن له أن يرجع عنه ; لأنه لما أذن لها بالاعتكاف فقد ملكها منافع الاستمتاع بها في زمان الاعتكاف ، وهي من أهل الملك ، فلا يملك الرجوع عن ذلك والنهي عنه بخلاف المملوك إذا أذن له مولاه بالاعتكاف أنه يملك الرجوع عنه ; لأن هناك ما ملكه المولى منافعه ; لأنه ليس من أهل الملك وإنما أعاره منافعه ، وللمعير أن يرجع في العارية متى شاء ، إلا أنه يكره له الرجوع ; لأنه خلف في الوعد وغرور فيكره له ذلك .

                                                                                                                                ومنها : النية لأن العبادة لا تصح بدون النية .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية