الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الحكم بن عتيبة ( ع )

                                                                                      الإمام الكبير عالم أهل الكوفة ، أبو محمد الكندي ، مولاهم الكوفي ، ويقال : أبو عمرو ، ويقال : أبو عبد الله .

                                                                                      حدث عن أبي جحيفة السوائي ، وشريح القاضي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وأبي وائل شقيق بن سلمة ، وإبراهيم النخعي ، وسعيد بن جبير ، ومصعب بن سعد ، وطاوس ، وعكرمة ، ومجاهد ، وأبي الضحى ، وعلي بن الحسين ، وأبي الشعثاء المحاربي ، وعامر الشعبي ، وعطاء بن أبي رباح ، والحسن بن مسلم ، وعمرو بن ميمون الأودي ، ومقسم ، وأبي عمر الصيني ، وعراك بن مالك ، ويحيى بن الجزار ، وخيثمة بن عبد الرحمن ، وسالم بن أبي الجعد ، وقيس بن أبي حازم ، وعمرو بن نافع ، وأبي صالح السمان ، وإبراهيم التيمي ، وخلق سواهم .

                                                                                      وعنه منصور ، والأعمش ، وزيد بن أبي أنيسة ، وأبان بن تغلب ، ومسعر بن كدام ، ومالك بن مغول ، والأوزاعي ، وحمزة بن حبيب الزيات ، وشعبة ، وقيس بن الربيع ، وأبو عوانة ، ومعقل بن عبيد الله ، وآخرون .

                                                                                      قال أحمد بن حنبل : هو من أقران إبراهيم النخعي ، ولدا في عام واحد ، قلت : ما عين السنة ، وهي نحو سنة ست وأربعين [ ص: 209 ] كتب إلى من سمع أبا حفص المعلم ، أنبأنا ابن المبارك ، أنبأنا أبو محمد الخطيب ، أنبأنا ابن حبابة ، حدثنا البغوي ، حدثنا محمد بن غيلان ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، قال : كان ابن شهاب في أصحابه بمنزلة الحكم في أصحابه .

                                                                                      قال الأوزاعي : حججت فلقيت عبدة ابن أبي لبابة ، فقال لي : هل لقيت الحكم ؟ ، قلت : لا ، قال : فالقه ، فما بين لابتيها أفقه منه .

                                                                                      قال أحمد بن حنبل : هو أثبت الناس في إبراهيم .

                                                                                      قال سفيان بن عيينة : ما كان بالكوفة مثل الحكم ، وحماد بن أبي سليمان .

                                                                                      قال عباس الدوري : كان الحكم صاحب عبادة وفضل ، وقال أحمد بن عبد الله العجلي : كان الحكم ثقة ثبتا فقيها من كبار أصحاب إبراهيم ، وكان صاحب سنة واتباع .

                                                                                      قال سليمان الشاذكوني ، حدثنا يحيى بن سعيد ، سمعت شعبة يقول : كان الحكم يفضل عليا على أبي بكر وعمر ، قلت : الشاذكوني ليس بمعتمد وما أظن أن الحكم يقع منه هذا .

                                                                                      وروى أبو إسرائيل الملائي ، عن مجاهد بن رومي ، قال : ما كنت أعرف فضل الحكم إلا إذا اجتمع علماء الناس في مسجد منى 72 نظرت إليهم فإذا هم عيال عليه . وبإسنادي إلى البغوي : حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، قال : رأيت الحكم وحمادا في مجلس محارب وهو على [ ص: 210 ] القضاء أحدهما عن يمينه ، والآخر عن شماله ، فينظر إلى هذا مرة ، وإلى هذا مرة . وقال شعبة : أحاديث الحكم عن مقسم كتاب سوى خمسة أحاديث ، ثم قال يحيى القطان : هي حديث الوتر ، وحديث القنوت ، وحديث عزيمة الطلاق ، وجزاء الصيد ، وإتيان الحائض . ثم قال يحيى : والحجامة للصائم ليس بصحيح . حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا بهز وأبو داود قالا : حدثنا شعبة عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم بالقاحة لم يقل بهز : بالقاحة .

                                                                                      حدثنا أحمد بن حنبل قال : قال يحيى بن سعيد : قال شعبة : لم يسمع [ ص: 211 ] الحكم من مقسم ، يعني حديث الحجامة .

                                                                                      حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا محمد بن خازم ، حدثنا الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله قال : والله إن الذي يفتي الناس في كل ما يسألونه لمجنون ، قال الأعمش : قال لي الحكم : لو سمعت هذا منك قبل اليوم ما كنت أفتي في كثير مما كنت أفتي .

                                                                                      حدثنا أحمد بن محمد القاضي ، حدثنا مسلم ، حدثنا شعبة ، عن الحكم قال : خرجت على جنازة وأنا غلام ، فصلى عليها زيد بن أرقم ، فسمعت الناس يقولون : كبر عليها أربعا .

                                                                                      وقال معقل بن عبيد الله : قلت للحكم يا أبا محمد .

                                                                                      قال علي ابن المديني : قلت ليحيى : أي أصحاب إبراهيم أحب إليك ؟ .

                                                                                      قال : الحكم ومنصور ما أقربهما ، قال المدائني : الحكم بن عتيبة كندي ويقال : أسدي مولى .

                                                                                      قال حجاج بن محمد : سمعت أبا إسرائيل يقول : إن أول يوم عرفت فيه الحكم يوم مات الشعبي ، جاء إنسان يسأل عن مسألة فقالوا : عليك بالحكم بن عتيبة .

                                                                                      أحمد بن زهير ، حدثنا ابن معين ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، قال : كان الحكم إذا قدم المدينة ، فرغت له سارية النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي إليها .

                                                                                      حميد بن عبد الرحمن : سمعت ابن أبي ليلى يقول : كان الشعبي يقول : [ ص: 212 ] ما قالت الصعافقة ما قال الناس ، يعني الحكم .

                                                                                      وقال ضمرة عن الأوزاعي : لقيت الحكم بمنى فإذا رجل حسن السمت متقنعا .

                                                                                      وقال أبو همام : حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثني الأوزاعي قال : قال لي يحيى بن أبي كثير ونحن بمنى : لقيت الحكم بن عتيبة ؟ قلت : نعم ، قال : ما بين لابتيها أحد أفقه منه . قال : وبها عطاء وأصحابه .

                                                                                      قال أبو نعيم : حدثنا الأعمش ، عن الحكم قال لرجل : أنت مثل الطير الذي يرى الكواكب في السماء يحسب أنها سمك .

                                                                                      قال ابن إدريس : سألت شعبة متى مات الحكم ؟ قال : سنة خمس عشرة ومائة ، قال ابن إدريس : فيها ولدت ، وفيها أرخه أبو نعيم وغيره ، وقيل سنة أربع عشرة ، وليس بشيء .

                                                                                      أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الخالق بن عبد السلام ، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه ، أنبأنا أحمد بن عبد الغني ، أنبأنا نصر بن أحمد ، أنبأنا عبد الله بن عبيد الله ، حدثنا أبو عبد الله المحاملي ، حدثنا محمد بن الوليد ، حدثنا محمد هو ابن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن ابن أبي رافع ، عن أبي رافع ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة فقال لأبي رافع : اصحبني كيما تصيب منها ، فقال : حتى آتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسأله ، فانطلق إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله ، فقال : إن الصدقة لا تحل لنا ، وإن مولى القوم من أنفسهم . [ ص: 213 ] هذا حديث صحيح غريب ، أخرجه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي من رواية شعبة ، فوقع لنا عاليا ، وابن أبي رافع ، هو عبيد الله .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية