الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أن الكفار حلفوا جهد أيمانهم - أي : اجتهدوا في الحلف - وغلظوا الأيمان على أن الله لا يبعث من يموت . وكذبهم الله - جل وعلا - في ذلك بقوله : بلى وعدا عليه حقا [ 16 \ 38 ] ، وكرر في آيات كثيرة هذا المعنى المذكور هنا من إنكارهم للبعث وتكذيبه لهم في ذلك ، كقوله : زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن الآية [ 64 \ 7 ] ، وقوله : كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين [ 21 \ 104 ] ، وقوله : وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم [ 36 \ 78 ، 79 ] ، وقوله : فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة [ 17 \ 51 ] ، والآيات بمثل هذا كثيرة جدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : بلى [ 16 \ 38 ] ، نفي لنفيهم البعث كما قدمنا . وقوله : وعدا ، مصدر مؤكد لما دلت عليه " بلى " ; لأن " ، بلى " تدل على نفي قولهم : لا يبعث الله من يموت . ونفي هذا النفي إثبات ، معناه : لتبعثن . وهذا البعث المدلول على إثباته بلفظة : " بلى " فيه معنى وعد الله بأنه سيكون . فقوله : وعدا [ 16 \ 38 ] مؤكد له .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : حقا مصدر أيضا ، أي : وعد الله بذلك وعدا ، وحقه حقا ، وهو [ ص: 377 ] مؤكد أيضا لما دلت " بلى " ، واللام في قوله : ليبين لهم الذي يختلفون فيه [ 16 \ 39 ] ، وفي قوله : وليعلم الذين كفروا الآية [ 16 \ 39 ] ، تتعلق بقوله : " بلى " ، أي : يبعثهم ليبين لهم . . إلخ . والضمير في قوله : لهم عائد إلى من يموت ; لأنه شامل للمؤمنين والكافرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض العلماء : اللام في الموضعين تتعلق بقوله : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا الآية [ 16 \ 36 ] ، أي : بعثناه ليبين لهم . . إلخ ، والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية