الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أنه بعث في كل أمة رسولا بعبادة الله وحده ، واجتناب عبادة ما سواه .

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا هو معنى " لا إله إلا الله " ; لأنها مركبة من نفي وإثبات ، فنفيها هو خلع جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات ، وإثباتها هو إفراده - جل وعلا - بجميع أنواع العبادات بإخلاص ، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله - عليهم صلوات الله وسلامه - .

                                                                                                                                                                                                                                      وأوضح هذا المعنى كثيرا في القرآن عن طريق العموم والخصوص . فمن النصوص الدالة عليه مع عمومها قوله تعالى : وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون [ 21 \ 25 ] ، وقوله : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون [ 43 \ 45 ] ، ونحو ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن النصوص الدالة عليه مع الخصوص في إفراد الأنبياء وأممهم قوله تعالى : لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره [ 7 \ 59 ] ، وقوله تعالى : وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره [ 7 \ 65 ] ، وقوله تعالى : وإلى ثمود أخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره [ 7 \ 73 ] ، وقوله : وإلى مدين أخاهم شعيبا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره [ 7 \ 85 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      واعلم أن كل ما عبد من دون الله ، فهو طاغوت ، ولا تنفع عبادة الله إلا بشرط اجتناب عبادة ما سواه ; كما بينه تعالى بقوله : فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد [ ص: 375 ] استمسك بالعروة الوثقى [ 2 \ 265 ] ، وقوله : وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون [ 12 \ 106 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية