الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب قدر على ابن آدم حظه من الزنا وغيره

                                                                                                                2657 حدثنا إسحق بن إبراهيم وعبد بن حميد واللفظ لإسحق قالا أخبرنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العينين النظر وزنا اللسان النطق والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه قال عبد في روايته ابن طاوس عن أبيه سمعت ابن عباس

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( ما رأيت أشبه باللمم مما قاله أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العينين النظر ، وزنا اللسان النطق والنفس تمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) وفي الرواية الثانية كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا ، مدرك ذلك لا محالة ; فالعينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطى ، والقلب يهوى ويتمنى ، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه معنى الحديث أن ابن آدم [ ص: 157 ] قدر عليه نصيب من الزنا ، فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام ، ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله ، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده ، أو يقبلها ، أو بالمشي بالرجل إلى الزنا ، أو النظر ، أو اللمس ، أو الحديث الحرام مع أجنبية ، ونحو ذلك ، أو بالفكر بالقلب . فكل هذه أنواع من الزنا المجازي ، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه . معناه أنه قد يحقق الزنا بالفرج ، وقد لا يحققه بألا يولج الفرج في الفرج ، وإن قارب ذلك . والله أعلم .

                                                                                                                وأما قول ابن عباس : ( ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة ) ، فمعناه تفسير قوله تعالى : الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة ومعنى الآية والله أعلم : الذين يجتنبون المعاصي غير اللمم يغفر لهم اللمم كما في قوله تعالى : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم فمعنى الآيتين أن اجتناب الكبائر يسقط الصغائر ، وهي اللمم . وفسره ابن عباس بما في هذا الحديث من النظر واللمس ونحوهما ، وهو كما قال . هذا هو الصحيح في تفسير اللمم ، وقيل : أن يلم بالشيء ولا يفعله ، وقيل : الميل إلى الذنب . ولا يصر عليه ، وقيل غير ذلك مما ليس بظاهر . وأصل اللمم والإلمام الميل إلى الشيء وطلبه من غير مداومة والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية