الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فألقوا السلم ، أي : الاستسلام والخضوع . والمعنى : أظهروا كمال الطاعة والانقياد ، وتركوا ما كانوا عليه من الشقاق . وذلك عندما يعاينون الموت ، أو يوم القيامة . يعني : أنهم في الدنيا يشاقون الرسل ، أي : يخالفونهم ويعادونهم ، فإذا عاينوا الحقيقة ألقوا السلم ، أي : خضعوا واستسلموا وانقادوا حيث لا ينفعهم ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      ومما يدل من القرآن على أن المراد بإلقاء السلم : الخضوع والاستسلام ، قوله : ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا [ 4 \ 94 ] ، على قراءة نافع وابن عامر وحمزة بلا ألف بعد اللام . بمعنى الانقياد والإذعان . وقوله : فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم الآية [ 4 \ 91 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      والقول بأن السلم في الآيتين الأخيرتين : الصلح والمهادنة لا ينافي ما ذكرنا ; لأن المصالح منقاد مذعن لما وافق عليه من ترك السوء . وقوله : وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون [ 16 \ 78 ] ، فكله بمعنى الاستسلام والخضوع والانقياد . والانقياد عند معاينة الموت لا ينفع ، كما قدمنا ، وكما دلت عليه آيات كثيرة ; كقوله : وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن الآية [ 4 \ 18 ] ، وقوله : فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا الآية [ 40 \ 85 ] [ ص: 368 ] وقوله : آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين [ 10 \ 91 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية