الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( الرابع ) لا خلاف في حذف البسملة بين الأنفال وبراءة ، عن كل من بسمل بين السورتين . وكذلك في الابتداء ببراءة على الصحيح عند أهل الأداء ، وممن حكى بالإجماع على ذلك أبو الحسن بن غلبون ، وابن القاسم بن الفحام ، ومكي ، وغيرهم ، وهو الذي لا يوجد نص بخلافه ، وقد حاول بعضهم جواز البسملة في أولها . قال أبو الحسن السخاوي : إنه القياس ، قال : لأن إسقاطها إما أن يكون لأن براءة نزلت بالسيف ، أو لأنهم لم يقطعوا بأنها سورة قائمة بنفسها دون الأنفال ، فإن كان لأنها نزلت بالسيف فذاك مخصوص بمن نزلت فيه ، ونحن إنما نسمي للتبرك ، وإن كان إسقاطها لأنه لم يقطع بأنها سورة وحدها ، فالتسمية في أوائل الأجزاء جائزة . وقد علم الغرض بإسقاطها ، فلا مانع من التسمية .

                                                          ( قلت ) : لقائل أن يقول : يمنع بظاهر النصوص ، وقال أبو العباس المهدوي : فأما براءة فالقراء مجتمعون على ترك الفصل بينه وبين الأنفال بالبسملة . وكذلك أجمعوا على ترك البسملة في أولها حال الابتداء بها سوى من رأى البسملة في حال الابتداء بأوساط السور ، فإنه لا يجوز أن يبتدأ بها من أول براءة عند من جعلها والأنفال سورة واحدة ، ولا يبتدأ بها في قول من جعل علة تركها في أولها أنها نزلت بالسيف ، وقال أبو الفتح بن شيطا : ولو أن قارئا ابتدأ قراءته من أول التوبة فاستعاذ ووصل الاستعاذة بالتسمية متبركا بها ، ثم تلا السورة لم يكن عليه حرج إن شاء الله تعالى ، [ ص: 265 ] كما يجوز له إذا ابتدأ من بعض سورة أن يفعل ذلك ، وإنما المحذور أن يصل آخر الأنفال بأول براءة ، ثم يفصل بينهما بالبسملة لأن ذلك بدعة وضلال وخرق للإجماع ، ومخالف للمصحف .

                                                          ( قلت ) : ولقائل أن يقول له ذلك أيضا في البسملة أولها أنه خرق للإجماع ومخالف للمصحف ، ولا تصادم النصوص بالآراء ، وما رواه الأهوازي في كتابه " الإيضاح " ، عن أبي بكر من البسملة أولها فلا يصح ، والصحيح عند الأئمة أولى بالاتباع ، ونعوذ بالله من شر الابتداع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية