الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قصة عكل وعرينة

                                                                                                                                                                                                        3956 حدثني عبد الأعلى بن حماد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة أن أنسا رضي الله عنه حدثهم أن ناسا من عكل وعرينة قدموا المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم وتكلموا بالإسلام فقالوا يا نبي الله إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف واستوخموا المدينة فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود وراع وأمرهم أن يخرجوا فيه فيشربوا من ألبانها وأبوالها فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذود فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فبعث الطلب في آثارهم فأمر بهم فسمروا أعينهم وقطعوا أيديهم وتركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا على حالهم قال قتادة بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كان يحث على الصدقة وينهى عن المثلة وقال شعبة وأبان وحماد عن قتادة من عرينة وقال يحيى بن أبي كثير وأيوب عن أبي قلابة عن أنس قدم نفر من عكل [ ص: 524 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 524 ] قوله : ( باب قصة عكل ) بضم المهملة وسكون الكاف بعدها لام ( وعرينة ) بمهملة وراء ثم نون مصغر ، قبيلتان تقدم ذكرهما وبيان نسبهما في " باب أبواب الإبل " من كتاب الطهارة مع شرح حديث الباب مستوفى ، وتقدم قريبا بيان الاختلاف في وقتها وأن ابن إسحاق ذكر أنها كانت بعد غزوة ذي قرد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال قتادة ) هو موصول بالإسناد المذكور إليه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كان يحث على الصدقة وينهى عن المثلة ) بضم الميم وسكون المثلثة ، وهذا البلاغ لم أقف على من فسر المراد به ، وقد يسر الله الكريم به الآن ، وكنت قد أغفلت التنبيه عليه في المقدمة ، وحقه أن يذكر في الفصل الأخير منها عند ذكر عدد أحاديث الصحيح وتفصيلها بذكر كل صحابي وكم ورد له عنده من حديث ، وأن يذكر في المبهمات من الفصل المذكور ، فإنه حديث أخرجه البخاري في الجملة وإن كان إسناده معضلا ، فإن هذا المتن جاء من حديث قتادة عن الحسن البصري عن هياج بن عمران عن عمران بن حصين وعن سمرة بن جندب قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة أخرجه أبو داود من طريق معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة بهذا الإسناد واللفظ ، وفيه قصة ، وأخرجه أحمد من طريق سعيد عن قتادة بهذا الإسناد إلى عمران بن حصين وفيه القصة ولفظه كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة وعن سمرة مثل ذلك ، وإسناد هذا الحديث قوي ، فإن هياجا بتحتانية ثقيلة وآخره جيم هو ابن عمران البصري وثقه ابن سعد وابن حبان وبقية رجاله من رجال الصحيح ، وسيأتي في [ ص: 525 ] الذبائح ، ومضى في المظالم من حديث عبد الله بن يزيد الأنصاري قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة والنهبى ولكنه من غير طريق قتادة ، وسيأتي شرح المثلة في الذبائح إن شاء الله تعالى والذي يظهر أن الذي أوردناه هو مراد قتادة بالبلاغ الذي وقع عند البخاري ، وقد تبين بهذا أن في الحديث الذي أخرجه النسائي من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن هشام عن قتادة عن أنس قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة إدراجا وأن هذا القدر من الحديث لم يسنده قتادة عن أنس وإنما ذكره بلاغا ، ولما نشط لذكر إسناده ساقه بوسائط إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال شعبة وأبان وحماد عن قتادة من عرينة ) يريد أن هؤلاء رووا هذا الحديث عن قتادة عن أنس فاقتصروا على ذكر عرينة دون عكل ، فأما رواية شعبة فوصلها المصنف في الزكاة . وأما رواية أبان وهو ابن يزيد العطار فوصلها ابن أبي شيبة ، وأما رواية حماد هو ابن سلمة فوصلها أبو داود والنسائي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال يحيى بن أبي كثير وأيوب عن أبي قلابة عن أنس : قدم نفر من عكل ) يريد أن هذين روياه بعكس أولئك فاقتصرا على ذكر عكل دون عرينة ، فأما رواية يحيى فوصلها المصنف في المحاربين ، وأما رواية أيوب فوصلها المصنف في الطهارة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية