الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي

                                                                                                                2560 حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالوا حدثنا سفيان ح وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس ح وحدثنا حاجب بن الوليد حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي ح وحدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن رافع وعبد بن حميد عن عبد الرزاق عن معمر كلهم عن الزهري بإسناد مالك ومثل حديثه إلا قوله فيعرض هذا ويعرض هذا فإنهم جميعا قالوا في حديثهم غير مالك فيصد هذا ويصد هذا

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ) قال العلماء : في هذا الحديث تحريم الهجر بين المسلمين أكثر من ثلاث ليال ، وإباحتها في الثلاث الأول بنص الحديث ، والثاني بمفهومه . قالوا : وإنما عفي عنها في الثلاث لأن الآدمي مجبول على الغضب وسوء الخلق ونحو ذلك ; [ ص: 91 ] فعفي عن الهجرة في الثلاثة ليذهب ذلك العارض . وقيل : إن الحديث لا يقتضي إباحة الهجرة في الثلاثة ، وهذا على مذهب من يقول : لا يحتج بالمفهوم ودليل الخطاب .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( يلتقيان فيعرض هذا ، ويعرض هذا ) وفي رواية ( فيصد هذا ويصد هذا ) هو بضم الصاد ، ومعنى ( يصد ) يعرض ، أي يوليه عرضه بضم العين ، وهو جانبه ، والصد بضم الصاد ، وهو أيضا الجانب والناحية .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) أي هو أفضلهما ، وفيه دليل لمذهب الشافعي ومالك ومن وافقهما أن السلام يقطع الهجرة ، ويرفع الإثم فيها ، ويزيله ، وقال أحمد وابن القاسم المالكي : إن كان يؤذيه لم يقطع السلام هجرته . قال أصحابنا : ولو كاتبه أو راسله عند غيبته عنه هل يزول إثم الهجرة ؟ وفيه وجهان : أحدهما لا يزول لأنه لم يكلمه ، وأصحهما يزول لزوال الوحشة . والله أعلم .

                                                                                                                [ ص: 92 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لمسلم ) قد يحتج به من يقول : الكفار غير مخاطبين بفروع الشرع ، والأصح أنهم مخاطبون بها ، وإنما قيد بالمسلم لأنه الذي يقبل خطاب الشرع ، وينتفع به .




                                                                                                                الخدمات العلمية