الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل ( ويجهر الإمام ) وجوبا بحسب الجماعة ، فإن زاد عليه أساء ، ولو ائتم به بعد الفاتحة أو بعضها سرا أعادها جهرا بحر ، لكن في آخر شرح المنية ائتم به بعد الفاتحة ، يجهر بالسورة إن قصد الإمامة وإلا فلا يلزمه الجهر [ ص: 533 ] ( في الفجر وأولى العشاءين أداء وقضاء وجمعة وعيدين وتراويح ووتر بعدها ) أي في رمضان فقط للتوارث : قلت : في تقييده ببعدها نظر لجهره فيه وإن لم يصل التراويح على الصحيح كما في مجمع الأنهر ، نعم في القهستاني تبعا للقاعدي لا سهو بالمخافتة في غير الفرائض كعيد ووتر ، نعم الجهر أفضل ( ويسر في غيرها ) " { وكان عليه الصلاة والسلام يجهر في الكل ثم تركه في الظهر والعصر لدفع أذى الكفار } " كافي ( كمتنفل بالنهار ) فإنه يسر ( ويخير المنفرد في الجهر ) وهو أفضل ويكتفى بأدناه ( إن أدى ) وفي السرية يخافت حتما على المذهب كمتنفل بالليل منفردا ; فلو أم جهر لتبعية النفل للفرض زيلعي

التالي السابق


فصل في القراءة

لما فرغ من بيان صفة الصلاة وكيفيتها وفرائضها وواجباتها وسننها ذكر أحكام القراءة في فصل على حدة لزيادة أحكام تعلقت بها دون سائر الأركان ( قوله ويجهر الإمام وجوبا ) أي جهرا واجبا على أنه مصدر بمعنى اسم الفاعل ، وقوله بحسب الجماعة صفة ثانية للجهر . ولا يخفى أنه لا يلزم من اتصاف الجهر بهذين الوصفين أن يتصف كونه بحسب الجماعة بالوجوب أيضا ، نعم لو جعل حالا من ضمير وجوبا المؤول باسم الفاعل يلزم ذلك ، ولا داعي إلى حمل الكلام على ما يفسد المعنى مع تبادر غيره فافهم . ( قوله فإن زاد عليه أساء ) وفي الزاهدي عن أبي جعفر : لو زاد على الحاجة فهو أفضل ، إلا إذا أجهد نفسه أو آذى غيره قهستاني ( قوله أعادها جهرا ) لأن الجهر فيما بقي صار واجبا بالاقتداء والجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة شنيع بحر . ومفاده أنه لو ائتم بعد قراءة بعض السورة أنه يعيد الفاتحة والسورة ، فليراجع ح ( قوله لكن إلخ ) استدراك على قوله ولو ائتم به ، وهذا قول آخر . وقد حكى القولين القهستاني حيث قال : إن الإمام لو خافت ببعض الفاتحة أو كلها أو المنفرد ثم اقتدى به رجل أعادها جهرا كما في الخلاصة ، وقيل لم يعد وجهر فيما بقي من بعض الفاتحة أو السورة كلها أو بعضها كما في المنية ا هـ وعزا في القنية القول الثاني إلى القاضي عبد الجبار وفتاوى السعدي ، ولعل وجهه أن فيه التحرز عن تكرار الفاتحة في ركعة وتأخير الواجب عن محله ، وهو موجب لسجود السهو فكان مكروها ، وهو أسهل من لزوم الجمع بين الجهر والإسرار في ركعة . على أن كون ذلك الجمع شنيعا غير مطرد لما ذكره في آخر شرح المنية أن الإمام لو سها فخافت في الجهرية ثم تذكر يجهر بالسورة ولا يعيد ، ولو خافت بآية أو أكثر يتمها جهرا ولا يعيد . وفي القهستاني : ولا خلاف أنه إذا جهر بأكثر الفاتحة يتمها مخافتة كما في الزاهدي ا هـ أي في الصلاة السرية ، وكون القول الأول نقله في الخلاصة عن الأصل كما في البحر ، والأصل من كتب ظاهر الرواية لا يلزم منه كون الثاني لم يذكر في كتاب آخر من كتب ظاهر الرواية ، فدعوى أنه ضعيف رواية ودراية غير مسلمة فافهم ( قوله إن قصد الإمامة إلخ ) عزاه في القنية إلى فتاوى الكرماني . ووجهه أن الإمام منفرد [ ص: 533 ]

في حق نفسه ، ولذا لا يحنث في لا يؤم أحدا ما لم ينو الإمامة ، ولا يحصل ثواب الجماعة إلا بالنية ، ولا تفسد الصلاة بمحاذاة المرأة إلا بالنية كما مر في بحث النية ، وسيذكر في باب الوتر عند ذكر كراهة الجماعة في التطوع على سبيل التداعي أنه لا كراهة على الإمام لو لم ينو الإمامة ، فإذا كان كذلك فكيف تلزمه أحكام الإمامة بدون التزام فافهم ( قوله وأولى العشاءين ) بفتح الياء الأولى وكسر الثانية قهستاني . والعشاءان : المغرب والعتمة ( قوله أي في رمضان فقط ) مأخوذ من المصنف في المنح ، حيث قال : وقيدنا الوتر بكونه بعد التراويح لأنه إنما يجهر في الوتر إذا كان في رمضان لا في غيره كما أفاده ابن نجيم في بحره ، وهو وارد على إطلاق الزيلعي الجهر في الوتر إذا كان إماما ا هـ فدل كلامه على أن مراده في متنه بقوله بعدها كونه في رمضان هو المسنون أعم من أن يكون بعد التراويح أو لا ، وبه سقط ما يأتي عن مجمع الأنهر ، لكن يرد عليه أنه يقتضي أنه لو صلى الوتر جماعة في غير رمضان لا يجهر به وإن لم يكن على سبيل التداعي ، ويحتاج إلى نقل صريح ، وإطلاق الزيلعي يخالفه ، وكذا ما يأتي من أن المتنفل بالليل لو أم جهر فتأمل ( قوله قلت إلخ ) علمت أنه غير وارد ( قوله نعم في القهستاني ) فيه أن القهستاني صرح بعده بتصحيح خلافه ( قوله ويسر في غيرها ) وهو الثالثة من المغرب والأخريان من العشاء ، وكذا جميع ركعات الظهر والعصر وإن كان بعرفة خلافا لمالك كما في الهداية ( قوله وهو أفضل ) ليكون الأداء على هيئة الجماعة ، ولهذا كان أداؤه بأذان وإقامة أفضل . وروي في الخبر " { أن من صلى على هيئة الجماعة صلت بصلاته صفوف من الملائكة } " منح ( قوله على المذهب ) كذا في البحر رادا على ما في العناية من أن ظاهر الرواية أنه مخير .

أقول : ما في العناية صرح به أيضا في النهاية والكفاية والمعراج . ونقل في التتارخانية عن المحيط أنه لا سهو عليه إذا جهر فيما يخافت لأنه لم يترك واجبا ، وعلله في الهداية في باب سجود السهو بأن الجهر والمخافتة من خصائص الجماعة . وقال الشراح : إنه جواب ظاهر الرواية . وأما جواب رواية النوادر فإنه يلزمه السهو . وفي الذخيرة : إذا جهر فيما يخافت عليه السهو . وفي ظاهر الرواية ولا سهو عليه ، نعم صحح في الدرر تبعا للفتح والتبيين وجوب المخافتة ، ومشى عليه في شرح المنية والبحر والنهر والمنح . وقال في الفتح : فحيث كانت المخافتة واجبة على المنفرد ينبغي أن يجب بتركها السجود ا هـ فتأمل ( قوله فلو أم ) أي فلو صلى المتنفل بالليل إماما جهر ، ومقتضاه أن الوتر في غير رمضان كذلك لأن كلا منهما تكره فيه الجماعة على سبيل التداعي ، وبدونه لا . وإذا وجب الجهر في النفل يجب في الوتر كما أفهمته عبارة الزيلعي أفاده الرحمتي .




الخدمات العلمية