الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قير ]

                                                          قير : القير والقار : لغتان ، وهو صعد يذاب فيستخرج منه القار ، وهو شيء أسود تطلى به الإبل والسفن يمنع الماء أن يدخل ، ومنه ضرب تحشى به الخلاخيل والأسورة . وقيرت السفينة : طليتها بالقار ، وقيل : هو الزفت ، وقد قير الحب والزق ، وصاحبه قيار ، [ ص: 234 ] وذكره الجوهري في قور .

                                                          والقار : شجر مر ، قال بشر بن أبي خازم :


                                                          يسومون الصلاح بذات كهف وما فيها لهم سلع وقار

                                                          وحكى أبو حنيفة عن ابن الأعرابي : هذا أقير من ذلك ، أي : أمر . ورجل قيور : خامل النسب . وقيار : اسم رجل ، وهو أيضا اسم فرس ، قال ضابئ البرجمي :


                                                          فمن يك أمسى بالمدينة رحله     فإني وقيارا بها لغريب
                                                          وما عاجلات الطير تدني من الفتى     نجاحا ولا عن ريثهن نحيب
                                                          ورب أمور لا تضيرك ضيرة     وللقلب من مخشاتهن وجيب
                                                          ولا خير فيمن لا يوطن نفسه     على نائبات الدهر حين تنوب
                                                          وفي الشك تفريط وفي الحزم قوة     ويخطئ في الحدس الفتى ويصيب

                                                          قوله : وما عاجلات الطير ، يريد : التي تقدم للطيران فيزجر بها الإنسان إذا خرج ، وإن أبطأت عليه وانتظرها فقد راثت ، والأول عندهم محمود ، والثاني مذموم ، يقول : ليس النجح بأن تعجل الطير وليس الخيبة في إبطائها . التهذيب : سمي الفرس قيارا لسواده . الجوهري : وقيار قيل ، اسم جمل ضابئ بن الحارث البرجمي ; وأنشد :


                                                          فإني وقيار لها لغريب

                                                          قال : فيرفع قيار على الموضع ، قال ابن بري : قيار قيل : هو اسم لجمله ، وقيل : هو اسم لفرسه ، يقول : من كان بالمدينة بيته ومنزله فلست منها ولا لي بها منزل ، وكان عثمان رضي الله عنه حبسه لفرية افتراها ، وذلك أنه استعار كلبا من بعض بني نهشل يقال له : قرحان ، فطال مكثه عنده وطلبوه فامتنع عليهم ، فعرضوا له وأخذوه منه فغضب فرمى أمهم بالكلب ، وله في ذلك شعر معروف فاعتقله عثمان في حبسه إلى أن مات عثمان رضي الله عنه ، وكان هم بقتل عثمان لما أمر بحبسه ، ولهذا يقول :


                                                          هممت ولم أفعل وكدت وليتني     تركت على عثمان تبكي حلائله

                                                          وفي حديث مجاهد : يغدو الشيطان بقيروانه إلى السوق فلا يزال يهتز العرش مما يعلم الله ما لا يعلم ، قال ابن الأثير : القيروان معظم العسكر ، والقافلة من الجماعة ، وقيل : إنه معرب " كاراوان " ، وهو بالفارسية القافلة ، وأراد بالقيروان أصحاب الشيطان وأعوانه ، وقوله : يعلم الله ما لا يعلم ، يعني أنه يحمل الناس على أن يقولوا يعلم الله كذا لأشياء يعلم الله خلافها ، فينسبون إلى الله علم ما يعلم خلافه ، ويعلم الله من ألفاظ القسم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية