الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قوف ]

                                                          قوف : قوف الرقبة وقوفتها . الشعر السائل في نقرتها . ابن الأعرابي : يقال : خذ بقوف قفاه وبقوفة قفاه وبقافية قفاه وبصوف قفاه وصوفته وبظليفه وبصليفه وبصليفته كله بمعنى قفاه . أبو عبيد : يقال أخذته بقوف رقبته وصوف رقبته ، أي : أخذته كله ، وقيل : أخذت بقوف رقبته وقاف رقبته وصوف رقبته ، معناه : أن يأخذ برقبته جمعاء ، وقيل يأخذ برقبته فيعصرها ; وأنشد الجوهري :


                                                          نجوت بقوف نفسك غير أني إخال بأن سييتم أو تئيم

                                                          أي : نجوت بنفسك ، قال ابن بري : أي : سييتم ابنك وتئيم زوجتك ، قال : والبيت غفل لا يعرف قائله . وقوف الأذن : أعلاها ، وقيل : قوف الأذن مستدار سمها . والقائف : الذي يعرف الآثار ، والجمع القافة . يقال : قفت أثره إذا اتبعته ، مثل قفوت أثره ، وقال القطامي :


                                                          كذبت عليك لا تزال تقوفني     كما قاف آثار الوسيقة قائف

                                                          فأغراه بنفسه ، أي : عليك بي ، وقال ابن بري : البيت للأسود بن يعفر . وحكى أبو حاتم عن الأصمعي : أن قوله : لا تزال في موضع رفع على تقدير أن تقديره أن لا تزال ، فلما سقطت أن ارتفع الفعل وجعله على حد قولهم : كذب عليك الحج ، وكذب زائدة ، وكذلك كذبت في البيت زائدة ، قال ابن بري : فهذا قول الأصمعي ، قال : ولا يصح عند النحويين وقد تقدم ذكره في ترجمة كذب ، ويقال : هو أقوف الناس . وفي الحديث : أن مجززا كان قائفا ، القائف الذي يتتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه ، ويقال : فلان يقوف الأثر ويقتافه قيافة ، مثل قفا الأثر واقتفاه . ابن سيده : قاف الأثر قيافة واقتافه اقتيافا وقافه يقوفه قوفا وتقوفه تتبعه ; أنشد ثعلب :


                                                          محلى بأطواق عتاق يبينها     على الضزن أغبى الضأن لو يتقوف

                                                          الضزن هنا : سوء الحال من الجهل ، يقول : كرمه وجوده يبين لمن لا يفهم الخبر فكيف من يفهم ؟ ومنه قيل للذي ينظر إلى شبه الولد بأبيه : قائف ، والقيافة : المصدر . وفلان يتقوف علي مالي ، أي : يحجر علي فيه ، وهو يتقوفني في المجلس ، أي : يأخذ علي في كلامي ، ويقول : قل : كذا وكذا . والقفو : القذف ، والقوف مثل القفو ; وأنشد :


                                                          أعوذ بالله الجليل الأعظم     من قوفي الشيء الذي لم أعلم

                                                          والقاف : حرف هجاء ، وهو حرف مجهور يكون أصلا لا بدلا ولا زائدا . وقوله تعالى : ق والقرآن المجيد جاء في التفسير أن مجاز قاف مجاز الحروف التي تكون في أوائل السور نحو : ن ، و الر ، وقيل : معنى ق : قضي الأمر ، كما قيل : حم : حم الأمر ، وجاء في بعض التفاسير أن قافا جبل محيط بالدنيا من ياقوتة خضراء ، وأن السماء بيضاء وإنما اخضرت من خضرته ، قال ابن سيده : قضينا أن ألفها من الواو ; لأن الألف إذا كانت عينا فإبدالها من الواو أكثر من إبدالها من الياء ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية