الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
: فصل فيما يستاك به ، وما لا يستاك به

قال ابن الصلاح : وجدت بخط أبي مسعود الدمشقي الحافظ ، عن أبي الحسن الدارقطني ، فذكر حديثا يعني من المؤتلف والمختلف بإسناده إلى أبي خيرة الصباحي ، أنه { كان في الوفد - وفد عبد القيس - الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر لنا بأراك ، وقال : استاكوا بهذا }. قال ابن ماكولا - يعني في الإكمال : ليس يروى لأبي خيرة هذا غيره ، ولا روى من قبيلة صباح عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره . قال ابن الصلاح : وهذا الحديث مستند قول صاحب الإيضاح والحاوي ، والتنبيه ، حيث استحبوه . قال : ولم أجد في كتب الحديث فيه سوى هذا الحديث .

قلت : قد استدل به صاحب الحاوي من حديث أبي خيرة بلفظ آخر ، وهو : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك بالأراك ، فإن تعذر عليه استاك [ ص: 120 ] بعراجين النخل ، فإن تعذر استاك بما وجد }. وهذا بهذا السياق لم أره .

وقد ذكره البخاري في تاريخه والطبراني في الكبير ، وأبو أحمد الحاكم في الكنى ، وأبو نعيم في المعرفة وغيرهم ، ففي لفظ عنه : { كنا أربعين رجلا ، فتزودنا الأراك نستاك به ، فقلنا : يا رسول الله عندنا الجريد ، ونحن نجتزئ به ، ولكن نقبل كرامتك وعطيتك ، ثم دعا لهم ، وفي لفظ : ثم أمر لنا بأراك ، فقال : استاكوا بهذا وفيها : فرفع يديه ودعا لهم }.

( تنبيه ) أبو خيرة بفتح الخاء المعجمة ، وسكون الياء المثناة من تحت ، والصباحي ; بضم الصاد المهملة ، بعدها باء موحدة خفيفة ، ووقع في حديث لابن مسعود ، وذكر الاستياك بالأراك ، وذلك في مسند أبي يعلى الموصلي من حديثه قال : { كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكا من أراك }. وأخرجه ابن حبان ، والطبراني أيضا ، وصححه الضياء في أحكامه ، ورواه أحمد موقوفا على ابن مسعود أنه كان يجتني سواكا من أراك الحديث . ولم يقل فيه : إنه كان يجتنيه للنبي صلى الله عليه وسلم .

وروى أبو نعيم في معرفة الصحابة ، في ترجمة أبي زيد الغافقي رفعه : { الأسوكة ثلاثة : أراك ، فإن لم يكن أراك فعنم أو بطم }قال راويه : العنم الزيتون .

وروى أبو نعيم أيضا في كتاب السواك ، والطبراني في الأوسط من حديث معاذ رفعه { نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة ، يطيب الفم ، ويذهب الجفر ، وهو سواكي وسواك الأنبياء قبلي }وفي إسناده أحمد بن محمد بن محصن ، [ ص: 121 ] تفرد به عن إبراهيم بن أبي عبلة . وحديث عائشة في قصة سواك عبد الرحمن بن أبي بكر ، وقع في البخاري : أنه كان جريدة رطبة ، ووقع في مستدرك الحاكم : أنه كان من أراك رطب ، فالله أعلم .

وأما ما لا يستاك به ، فقال الحارث في مسنده ، ثنا الحاكم بن موسى ، ثنا عيسى بن يونس ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن ضمرة بن حبيب ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواك بعود الريحان ، وقال : إنه يحرك عرق الجذام }وهذا مرسل ، وضعيف أيضا ، وقد تقدم الكلام على حديث الاستياك بالإصبع .

التالي السابق


الخدمات العلمية