الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قعد ]

                                                          قعد : القعود : نقيض القيام . قعد يقعد قعودا ومقعدا أي جلس ، وأقعدته وقعدت به . وقال أبو زيد : قعد الإنسان أي قام وقعد جلس ، وهو من الأضداد . والمقعدة : السافلة . والمقعد والمقعدة : مكان القعود . وحكى اللحياني : ارزن في مقعدك ومقعدتك . قال سيبويه : وقالوا : هو مني مقعد القابلة أي في القرب ، وذلك إذا دنا فلزق من بين يديك ، يريد بتلك المنزلة ولكنه حذف وأوصل كما قالوا : دخلت البيت أي في البيت ، ومن العرب من يرفعه يجعله هو الأول على قولهم أنت مني مرأى ومسمع . والقعدة ، بالكسر : الضرب من القعود كالجلسة ، وبالفتح : المرة الواحدة ، قال اللحياني : ولها نظائر وسيأتي ذكرها ، اليزيدي : قعد قعدة واحدة وهو حسن القعدة . وفي الحديث : أنه نهى أن يقعد على القبر ، قال ابن الأثير : قيل أراد القعود لقضاء الحاجة من الحدث ، وقيل : أراد الإحداد والحزن وهو أن يلازمه ولا يرجع عنه ، وقيل : أراد به احترام الميت وتهويل الأمر في القعود عليه تهاونا بالميت والموت ، وروي أنه رأى رجلا متكئا على قبر فقال : لا تؤذ صاحب القبر . والمقاعد : موضع قعود الناس في الأسواق وغيرها . ابن بزرج : أقعد بذلك المكان كما يقال أقام ، وأنشد :


                                                          أقعد حتى لم يجد مقعنددا ولا غدا ولا الذي يلي غدا



                                                          ابن السكيت : يقال ما تقعدني عن ذلك الأمر إلا شغل أي ما حبسني . وقعدة الرجل : مقدار ما أخذ من الأرض قعوده . وعمق بئرنا قعدة وقعدة أي قدر ذلك . ومررت بماء قعدة رجل ، حكاه سيبويه ، قال : والجر الوجه . وحكى اللحياني : ما حفرت في الأرض إلا قعدة وقعدة . وأقعد البئر : حفرها قدر قعدة ، وأقعدها إذا تركها على وجه الأرض ولم ينته بها الماء . والمقعدة من الآبار : التي احتفرت فلم ينبط ماؤها فتركت وهي المسهبة عندهم . وقال الأصمعي : بئر قعدة أي طولها طول إنسان قاعد . وذو القعدة : اسم الشهر الذي يلي شوالا وهو اسم شهر كانت العرب تقعد فيه وتحج في ذي الحجة ، وقيل : سمي بذلك لقعودهم في رحالهم عن الغزو والميرة وطلب الكلإ ، والجمع ذوات القعدة ، وقال الأزهري في ترجمة شعب : قال يونس : ذوات القعدات ، ثم قال : والقياس أن تقول ذوات القعدة . والعرب تدعو على الرجل فتقول : حلبت قاعدا وشربت قائما ، تقول : لا ملكت غير الشاء التي تحلب من قعود ولا ملكت إبلا تحلبها قائما ، معناه : ذهبت إبلك فصرت تحلب الغنم لأن حالب الغنم لا يكون إلا قاعدا ، والشاء مال الضعفى والأذلاء ، والإبل مال الأشراف والأقوياء . ويقال : رجل قاعد عن الغزو ، وقوم قعاد وقاعدون .

                                                          والقعد : الذين لا ديوان لهم ، وقيل : القعد الذين لا يمضون إلى القتال ، وهو اسم للجمع ، وبه سمي قعد الحرورية . ورجل قعدي منسوب إلى القعد كعربي وعرب وعجمي وعجم . ابن الأعرابي : القعد الشراة الذين يحكمون ولا يحاربون ، وهو جمع قاعد كما قالوا حارس وحرس . والقعدي من الخوارج : الذي يرى رأي القعد الذين يرون التحكيم حقا غير أنهم قعدوا عن الخروج على الناس ، وقال بعض مجان المحدثين فيمن يأبى أن يشرب الخمر وهو يستحسن شربها لغيره فشبهه بالذي يرى التحكيم وقد قعد عنه فقال :


                                                          فكأني وما أحسن منها     قعدي يزين التحكيما



                                                          وتقعد فلان عن الأمر إذا لم يطلبه . وتقاعد به فلان إذا لم يخرج إليه من حقه . وتقعدته أي ربثته عن حاجته وعقته . ورجل قعدة ضجعة أي كثير القعود والاضطجاع . وقالوا : ضربه ضربة ابنة اقعدي وقومي أي ضرب أمة ، وذلك لقعودها وقيامها في خدمة مواليها لأنها تؤمر بذلك ، وهو نص كلام ابن الأعرابي . وأقعد الرجل : لم يقدر على النهوض ، وبه قعاد أي داء يقعده . ورجل مقعد إذا أزمنه داء في جسده حتى لا حراك به . وفي حديث الحدود : أتي بامرأة قد زنت فقال : ممن ؟ قالت : من المقعد الذي في حائط سعد ، المقعد الذي لا يقدر على القيام لزمانة به كأنه قد ألزم القعود ، وقيل : هو من القعاد الذي هو الداء الذي يأخذ الإبل في أوراكها فيميلها إلى الأرض . والمقعدات : الضفادع ، قال الشماخ :


                                                          توجسن واستيقن أن ليس حاضرا     على الماء إلا المقعدات القوافز



                                                          والمقعدات : فراخ القطا قبل أن تنهض للطيران ، قال ذو الرمة :


                                                          إلى مقعدات تطرح الريح بالضحى     عليهن رفضا من حصاد القلاقل



                                                          والمقعد : فرخ النسر ، وقيل : فرخ كل طائر لم يستقل مقعد . والمقعدد : فرخ النسر ، عن كراع ، وأما قول عاصم بن ثابت الأنصاري :


                                                          أبو سليمان وريش المقعد     ومجنأ من مسك ثور أجرد
                                                          وضالة مثل الجحيم الموقد



                                                          فإن أبا العباس قال : قال ابن الأعرابي : المقعد فرخ النسر وريشه أجود الريش ، وقيل : المقعد النسر الذي قشب له حتى صيد فأخذ ريشه ، وقيل : المقعد اسم رجل كان يريش السهام ، أي أنا أبو سليمان ومعي سهام راشها المقعد فما عذري أن لا أقاتل ؟ والضالة : من شجر السدر ، يعمل منها السهام ، شبه السهام بالجمر لتوقدها . وقعدت الرخمة : جثمت ، وما قعدك واقتعدك أي حبسك . والقعد : النخل ، وقيل النخل الصغار ، وهو جمع قاعد كما قالوا خادم وخدم . وقعدت الفسيلة وهي قاعد : صار لها جذع تقعد عليه . وفي أرض فلان من القاعد كذا وكذا أصلا ذهبوا إلى الجنس . والقاعد من النخل : الذي تناله اليد . ورجل قعدي وقعدي : عاجز كأنه يؤثر القعود . والقعدة : السرج والرحل تقعد عليهما . والقعدة ، مفتوحة : مركب الإنسان والطنفسة التي يجلس عليها قعدة ، مفتوحة ، وما أشبهها . وقال ابن دريد : القعدات الرحال والسروج . والقعيدات : السروج والرحال . والقعدة : الحمار ، وجمعه قعدات ، قال عروة بن معد يكرب :

                                                          [ ص: 149 ]

                                                          سيبا على القعدات تخفق فوقهم     رايات أبيض كالفنيق هجان



                                                          الليث : القعدة من الدواب الذي يقتعده الرجل للركوب خاصة . والقعدة والقعودة والقعود من الإبل : ما اتخذه الراعي للركوب وحمل الزاد والمتاع ، وجمعه أقعدة وقعد وقعدان وقعائد . واقتعدها : اتخذها قعودا . قال أبو عبيد ة : وقيل القعود من الإبل هو الذي يقتعده الراعي في كل حاجة ، قال : وهو بالفارسية رخت وبتصغيره جاء المثل : اتخذوه قعيد الحاجات إذا امتهنوا الرجل في حوائجهم ، قال الكميت يصف ناقته :


                                                          معكوسة كقعود الشول أنطفها     عكس الرعاء بإيضاع وتكرار



                                                          ويقال : نعم القعدة هذا أي نعم المقتعد . وذكر الكسائي أنه سمع من يقول : قعودة للقلوص ، وللذكر قعود ، قال الأزهري : وهذا عند الكسائي من نوادر الكلام الذي سمعته من بعضهم وكلام أكثر العرب على غيره . وقال ابن الأعرابي : هي قلوص للبكرة الأنثى وللبكر قعود مثل القلوص إلى أن يثنيا ثم هو جمل ، قال الأزهري : وعلى هذا التفسير قول من شاهدت من العرب لا يكون القعود إلا البكر الذكر ، وجمعه قعدان ثم القعادين جمع الجمع ، ولم أسمع قعودة بالهاء لغير الليث . والقعود من الإبل : هو البكر حين يركب أي يمكن ظهره من الركوب ، وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان ، ولا تكون البكرة قعودا وإنما تكون قلوصا . وقال النضر : القعدة أن يقتعد الراعي قعودا من إبله فيركبه فجعل القعدة والقعود شيئا واحدا . والاقتعاد : الركوب . يقول الرجل للراعي : نستأجرك بكذا وعلينا قعدتك أي علينا مركبك ، تركب من الإبل ما شئت ومتى شئت ، وأنشد للكميت :


                                                          لم يقتعدها المعجلون



                                                          وفي حديث عبد الله : من الناس من يذله الشيطان كما يذل الرجل قعوده من الدواب ، قال ابن الأثير : القعود من الدواب ما يقتعده الرجل للركوب والحمل ولا يكون إلا ذكرا ، وقيل القعود ذكر ، والأنثى قعودة ، والقعود من الإبل : ما أمكن أن يركب ، وأدناه أن تكون له سنتان ثم هو قعود إلى أن يثني فيدخل في السنة السادسة ثم هو جمل . وفي حديث أبي رجاء : لا يكون الرجل متقيا حتى يكون أذل من قعود ، كل من أتى عليه أرغاه أي قهره وأذله ; لأن البعير إنما يرغو عن ذل واستكانة . والقعود أيضا : الفصيل . وقال ابن شميل : القعود من الذكور والقلوص من الإناث . قال البشتي : قال يعقوب بن السكيت : يقال لابن المخاض حين يبلغ أن يكون ثنيا قعود وبكر ، وهو من الذكور كالقلوص من الإناث ، قال البشتي : ليس هذا من القعود التي يقتعدها الراعي فيركبها ويحمل عليها زاده وأداته ، إنما هو صفة للبكر إذا بلغ الإثناء ، قال أبو منصور : أخطأ البشتي في حكايته عن يعقوب ثم أخطأ فيما فسره من كيسه أنه غير القعود التي يقتعدها الراعي من وجهين آخرين ، فأما يعقوب فإنه قال : يقال لابن المخاض حتى يبلغ أن يكون ثنيا قعود وبكر وهو من الذكور كالقلوص ، فجعل البشتي حتى حين وحتى بمعنى إلى ، وأحد الخطأين من البشتي أنه أنث القعود ولا يكون القعود عند العرب إلا ذكرا ، والثاني أنه لا قعود في الإبل تعرفه العرب غير ما فسره ابن السكيت ، قال : ورأيت العرب تجعل القعود البكر من الإبل حين يركب أي يمكن ظهره من الركوب ، قال : وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان إلى أن يثني فإذا أثنى سمي جملا ، والبكر والبكرة بمنزلة الغلام والجارية اللذين لم يدركا ، ولا تكون البكرة قعودا . ابن الأعرابي : البكر قعود مثل القلوص في النوق إلى أن يثني . وقاعد الرجل : قعد معه . وقعيد الرجل : مقاعده . وفي حديث الأمر بالمعروف : لا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، القعيد الذي يصاحبك في قعودك ، فعيل بمعنى مفاعل ، وقعيدا كل أمر : حافظاه عن اليمين وعن الشمال . وفي التنزيل : عن اليمين وعن الشمال قعيد ، قال سيبويه : أفرد كما تقول للجماعة هم فريق ، وقيل : القعيد للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد وهما قعيدان ، وفعيل وفعول مما يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع ، كقوله : أنا رسول ربك ، وكقوله : والملائكة بعد ذلك ظهير ، وقال النحويون : معناه عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد فاكتفى بذكر الواحد عن صاحبه ، ومنه قول الشاعر :


                                                          نحن بما عندنا وأنت بما عندك     راض والرأي مختلف



                                                          ولم يقل راضيان ولا راضون ، أراد : نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض ، ومثله قول الفرزدق :


                                                          إني ضمنت لمن أتاني ما جنى     وأتى وكان وكنت غير غدور



                                                          ولم يقل غدورين . وقعيدة الرجل وقعيدة بيته : امرأته ، قال الأشعر الجعفي :


                                                          لكن قعيدة بيتنا مجفوة     باد جناجن صدرها ولها غنى



                                                          والجمع قعائد . وقعيدة الرجل : امرأته . وكذلك قعاده ، قال عبد الله بن أوفى الخزاعي في امرأته :


                                                          منجدة مثل كلب الهراش     إذا هجع الناس لم تهجع
                                                          فليست بتاركة محرما     ولو حف بالأسل المشرع
                                                          فبئست قعاد الفتى وحدها     وبئست موفية الأربع !



                                                          قال ابن بري : منجدة محكمة مجربة وهو مما يذم به النساء وتمدح به الرجال . وتقعدته : قامت بأمره ، حكاه ثعلب و ابن الأعرابي . والأسل : الرماح . ويقال : قعدت الرجل وأقعدته أي خدمته وأنا مقعد له ومقعد ، وأنشد :


                                                          تخذها سرية تقعده



                                                          وقال الآخر :


                                                          وليس لي مقعد في البيت يقعدني     ولا سوام ولا من فضة كيس



                                                          والقعيد : ما أتاك من ورائك من ظبي أو طائر يتطير منه بخلاف النطيح ، ومنه قول عبيد بن الأبرص :


                                                          ولقد جرى لهم فلم يتعيفوا     تيس قعيد كالوشيجة أعضب



                                                          [ ص: 150 ] الوشيجة : عرق الشجرة ، شبه التيس من ضمره به ، ذكره أبو عبيد ة في باب السانح والبارح وهو خلاف النطيح . والقعيد : الجراد الذي لم يستو جناحاه بعد . وثدي مقعد : ناتئ على النحر إذا كان ناهدا لم ينثن بعد ، قال النابغة :


                                                          والبطن ذو عكن لطيف طيه     والإتب تنفجه بثدي مقعد



                                                          وقعد بنو فلان لبني فلان يقعدون : أطاقوهم وجاءوهم بأعدادهم . وقعد بقرنه : أطاقه . وقعد للحرب : هيأ لها أقرانها ، قال :


                                                          لأصبحن ظالما حربا رباعية     فاقعد لها ودعن عنك الأظانينا



                                                          وقوله :


                                                          ستقعد عبد الله عنا بنهشل



                                                          أي ستطيقها وتجيئها بأقرانها فتكفينا نحن الحرب . وقعدت المرأة عن الحيض والولد تقعد قعودا ، وهي قاعد : انقطع عنها ، والجمع قواعد . وفي التنزيل : والقواعد من النساء ، وقال الزجاج في تفسير الآية : هن اللواتي قعدن عن الأزواج . ابن السكيت : امرأة قاعد إذا قعدت عن المحيض ، فإذا أردت القعود قلت : قاعدة . قال : ويقولون امرأة واضع إذا لم يكن عليها خمار ، وأتان جامع إذا حملت . قال أبو الهيثم : القواعد من صفات الإناث لا يقال رجال قواعد ، وفي حديث أسماء الأشهلية : إنا معاشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم وحوامل أولادكم ، القواعد : جمع قاعد وهي المرأة الكبيرة المسنة ، هكذا يقال بغير هاء أي أنها ذات قعود ، فأما قاعدة فهي فاعلة من قعدت قعودا ، ويجمع على قواعد أيضا . وقعدت النخلة : حملت سنة ولم تحمل أخرى . والقاعدة : أصل الأس ، والقواعد : الإساس ، وقواعد البيت إساسه . وفي التنزيل : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ، وفيه : فأتى الله بنيانهم من القواعد ، قال الزجاج : القواعد أساطين البناء التي تعمده . وقواعد الهودج : خشبات أربع معترضة في أسفله تركب عيدان الهودج فيها ، قال أبو عبيد : قواعد السحاب أصولها المعترضة في آفاق السماء شبهت بقواعد البناء ، قال ذلك في تفسير حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سأل عن سحابة مرت ، فقال : كيف ترون قواعدها وبواسقها ؟ وقال ابن الأثير : أراد بالقواعد ما اعترض منها وسفل تشبيها بقواعد البناء . ومن أمثال العرب : إذا قام بك الشر فاقعد ، يفسر على وجهين : أحدهما أن الشر إذا غلبك فذل له ولا تضطرب فيه ، والثاني أن معناه إذا انتصب لك الشر ولم تجد منه بدا فانتصب له وجاهده ، وهذا مما ذكره الفراء . والقعدد والقعدد : الجبان اللئيم القاعد عن الحرب والمكارم . والقعدد : الخامل . قال الأزهري : رجل قعدد وقعدد إذا كان لئيما من الحسب . المقعد والقعدد : الذي يقعد به أنسابه ، وأنشد :


                                                          قرنبى تسوف قفا مقرف     لئيم مآثره قعدد



                                                          ويقال : اقتعد فلانا عن السخاء لؤم جنثه ، ومنه قول الشاعر :


                                                          فاز قدح الكلبي واقتعدت مغراء     عن سعيه عروق لئيم



                                                          ورجل قعدد : قريب من الجد الأكبر وكذلك قعدد . والقعدد والقعدد : أملك القرابة في النسب . والقعدد : القربى . والميراث القعدد : هو أقرب القرابة إلى الميت . قال سيبويه : قعدد ملحق بجعشم ، ولذلك ظهر فيه المثلان . وفلان أقعد من فلان أي أقرب منه إلى جده الأكبر ، وعبر عنه ابن الأعرابي بمثل هذا المعنى ، فقال : فلان أقعد من فلان أي أقل آباء . والإقعاد : قلة الآباء والأجداد وهو مذموم ، والإطراف كثرتهم وهو محمود ، وقيل : كلاهما مدح . وقال اللحياني : رجل ذو قعدد إذا كان قريبا من القبيلة والعدد فيه قلة . يقال : هو أقعدهم أي أقربهم إلى الجد الأكبر ، وأطرفهم وأفسلهم أي أبعدهم من الجد الأكبر . ويقال : فلان طريف بين الطرافة إذا كان كثير الآباء إلى الجد الأكبر ليس بذي قعدد ، ويقال : فلان قعيد النسب ذو قعدد إذا كان قليل الآباء إلى الجد الأكبر ، وكان عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي أقعد بني العباس نسبا في زمانه ، وليس هذا ذما عندهم ، وكان يقال له قعدد بني هاشم ، قال الجوهري : ويمدح به من وجه لأن الولاء للكبر ، ويذم به من وجه لأنه من أولاد الهرمى وينسب إلى الضعف ، قال دريد بن الصمة يرثي أخاه :


                                                          دعاني أخي والخيل بيني وبينه     فلما دعاني لم يجدني بقعدد



                                                          وقيل : القعدد في هذا البيت الجبان القاعد عن الحرب والمكارم أيضا يتقعد فلا ينهض ، قال الأعشى :


                                                          طرفون ولادون كل مبارك     أمرون لا يرثون سهم القعدد



                                                          وأنشده ابن بري :


                                                          أمرون ولادون كل مبارك     طرفون . . . . . . . .



                                                          وقال : أمرون أي كثيرون . والطرف : نقيض القعدد . ورأيت حاشية بخط بعض الفضلاء أن هذا البيت أنشده المرزباني في معجم الشعراء لأبي وجزة السعدي في آل الزبير . وأما القعدد المذموم فهو اللئيم في حسبه ، والقعدد من الأضداد . يقال للقريب النسب من الجد الأكبر : قعدد ، وللبعيد النسب من الجد الأكبر : قعدد ، وقال ابن السكيت في قول البعيث :


                                                          لقى مقعد الأسباب منقطع به



                                                          قال : معناه أنه قصير النسب من القعدد . وقوله منقطع به ملقى أي لا سعي له إن أراد أن يسعى لم يكن به على ذلك قوة بلغة أي شيء يتبلغ به . ويقال : فلان مقعد الحسب إذا لم يكن له شرف ، وقد أقعده آباؤه وتقعدوه ، وقال الطرماح يهجو رجلا :


                                                          ولكنه عبد تقعد رأيه     لئام الفحول وارتخاض المناكح



                                                          أي : أقعد حسبه عن المكارم لؤم آبائه وأمهاته . ابن الأعرابي : يقال ورث فلان بالإقعاد ، ولا يقال ورثه بالقعود . والقعاد والإقعاد : داء يأخذ الإبل والنجائب في أوراكها وهو شبه ميل العجز إلى الأرض ، وقد أقعد البعير فهو مقعد . والقعد : أن يكون بوظيف البعير تطامن واسترخاء . والإقعاد في رجل الفرس : أن تفرش جدا فلا تنتصب . والمقعد : الأعرج ، يقال منه : أقعد الرجل ، تقول : متى أصابك هذا القعاد ؟ وجمل أقعد : في وظيفي رجليه كالاسترخاء .

                                                          [ ص: 151 ] والقعيدة : شيء تنسجه النساء يشبه العيبة يجلس عليه ، وقد اقتعدها ، قال امرؤ القيس :


                                                          رفعن حوايا واقتعدن قعائدا     وحففن من حوك العراق المنمق



                                                          والقعيدة أيضا : مثل الغرارة يكون فيها القديد والكعك ، وجمعها قعائد ، قال أبو ذؤيب يصف صائدا :


                                                          له من كسبهن معذلجات     قعائد قد ملئن من الوشيق



                                                          والضمير في كسبهن يعود على سهام ذكرها قبل البيت . ومعذلجات : مملوءات . والوشيق : ما جف من اللحم وهو القديد ، وقال ابن الأعرابي في قول الراجز :


                                                          تعجل إضجاع الجشير القاعد



                                                          قال : القاعد الجوالق الممتلئ حبا كأنه من امتلائه قاعد . والجشير : الجوالق . والقعيدة من الرمل : التي ليست بمستطيلة ، وقيل : هي الحبل اللاطئ بالأرض ، وقيل : هو ما ارتكم منه ، قال الخليل : إذا كان بيت من الشعر فيه زحاف قيل له مقعد ، والمقعد من الشعر : ما نقصت من عروضه قوة ، كقوله :


                                                          أفبعد مقتل مالك بن زهير     ترجو النساء عواقب الأطهار ؟



                                                          قال أبو عبيد : الإقواء نقصان الحروف من الفاصلة فينقص من عروض البيت قوة ، وكان الخليل يسمي هذا المقعد . قال أبو منصور : هذا صحيح عن الخليل وهذا غير الزحاف وهو عيب في الشعر ، والزحاف ليس بعيب . الفراء : العرب تقول قعد فلان يشتمني بمعنى طفق وجعل ، وأنشد لبعض بني عامر :


                                                          لا يقنع الجارية الخضاب     ولا الوشاحان ولا الجلباب
                                                          من دون أن تلتقي الأركاب     ويقعد الأير له لعاب



                                                          وحكى ابن الأعرابي : حدد شفرته حتى قعدت كأنها حربة أي صارت . وقال : ثوبك لا تقعد تطير به الريح أي لا تصير الريح طائرة به ، ونصب ثوبك بفعل مضمر أي احفظ ثوبك . وقال : قعد لا يسأله أحد حاجة إلا قضاها ولم يفسره ، فإن عنى به صار فقد تقدم لها هذه النظائر واستغنى بتفسير تلك النظائر عن تفسير هذه ، وإن كان عنى القعود فلا معنى له لأن القعود ليست حال أولى به من حال ، ألا ترى أنك تقول قعد لا يمر به أحد إلا يسبه ، وقد لا يسأله سائل إلا حرمه ؟ وغير ذلك مما يخبر به من أحوال القاعد ، وإنما هو كقولك : قام لا يسأل حاجة إلا قضاها . وقعيدك الله لا أفعل ذلك وقعدك ، قال متمم بن نويرة :


                                                          قعيدك أن لا تسمعيني ملامة     ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا



                                                          وقيل : قعدك الله وقعيدك الله أي كأنه قاعد معك يحفظ عليك قولك ، وليس بقوي ، قال أبو عبيد : قال الكسائي : يقال قعدك الله أي الله معك ، قال وأنشد غيره عن قريبة الأعرابية :


                                                          قعيدك عمر الله يا بنت مالك     ألم تعلمينا نعم مأوى المعصب



                                                          قال : ولم أسمع بيتا اجتمع فيه العمر والقعيد إلا هذا . وقال ثعلب : قعدك الله وقعيدك الله أي نشدتك الله . وقال : إذا قلت قعيدكما الله جاء معه الاستفهام واليمين ، فالاستفهام كقوله : قعيدكما الله ألم يكن كذا وكذا ؟ قال الفرزدق :


                                                          قعيدكما الله الذي أنتما له     ألم تسمعا بالبيضتين المناديا ؟



                                                          والقسم : قعيدك الله لأكرمنك . وقال أبو عبيد : عليا مضر تقول قعيدك لتفعلن كذا ، قال : القعيد الأب ، وقال أبو الهيثم : القعيد المقاعد ، وأنشد بيت الفرزدق :


                                                          قعيدكما الله الذي أنتما له



                                                          يقول : أينما قعدت فأنت مقاعد أي هو معك . قال : ويقال قعيدك الله لا تفعل كذا ، وقعدك الله ، بفتح القاف ، وأما قعدك فلا أعرفه . ويقال : قعد قعدا وقعودا ، وأنشد :


                                                          فقعدك أن لا تسمعيني ملامة



                                                          قال الجوهري : هي يمين للعرب وهي مصادر استعملت منصوبة بفعل مضمر ، والمعنى بصاحبك الذي هو صاحب كل نجوى ، كما يقال : نشدتك الله ، قال ابن بري في ترجمة وجع في بيت متمم بن نويرة :


                                                          قعيدك أن لا تسمعيني ملامة



                                                          قال : قعيدك الله وقعدك الله استعطاف وليس بقسم ، كذا قال أبو علي ، قال : والدليل على أنه ليس بقسم كونه لم يجب بجواب القسم . وقعيدك الله بمنزلة عمرك الله في كونه ينتصب انتصاب المصادر الواقعة موقع الفعل ، فعمرك الله واقع موقع عمرك الله أي سألت الله تعميرك ، وكذلك قعدك الله تقديره قعدتك الله أي سألت الله حفظك من قوله : عن اليمين وعن الشمال قعيد أي حفيظ . والمقعد : رجل كان يريش السهام بالمدينة ، قال الشاعر :


                                                          أبو سليمان وريش المقعد



                                                          وقال أبو حنيفة : المقعدان شجر ينبت نبات المقر ولا مرارة له يخرج من وسطه قضيب بطول قامة وفي رأسه مثل ثمرة العرعرة صلبة حمراء يترامى به الصبيان ولا يرعاه شيء . ورجل مقعد الأنف : وهو الذي في منخره سعة وقصر . والمقعدة : الدوخلة من الخوص . ورحى قاعدة : يطحن الطاحن بها بالرائد بيده . وقال النضر : القعد العذرة والطوف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية