الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قضض ]

                                                          قضض : قض عليهم الخيل يقضها قضا : أرسلها . وانقضت عليهم الخيل : انتشرت ، وقضضناها عليهم فانقضت عليهم ، وأنشد :


                                                          قضوا غضابا عليك الخيل من كثب



                                                          وانقض الطائر وتقضض وتقضى على التحويل : اختات وهوى في طيرانه يريد الوقوع ، وقيل : هو إذا هوى من طيرانه ليسقط على شيء . ويقال : انقض البازي على الصيد وتقضض إذا أسرع في طيرانه منكدرا على الصيد قال : وربما قالوا تقضى يتقضى وكان في الأصل تقضض ، ولما اجتمعت ثلاث ضادات قلبت إحداهن ياء كما قالوا تمطى وأصله تمطط ، أي : تمدد . وفي التنزيل العزيز : ثم ذهب إلى أهله يتمطى . وفيه : وقد خاب من دساها قال العجاج :


                                                          إذا الكرام ابتدروا الباع بدر     تقضي البازي إذا البازي كسر



                                                          أي : كسر جناحيه لشدة طيرانه . وانقض الجدار : تصدع من غير أن يسقط ، وقيل : انقض سقط . وفي التنزيل العزيز : فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض هكذا عده أبو عبيد وغيره ثنائيا وجعله أبو علي ثلاثيا من نقض فهو عنده افعل . وفي التهذيب في قوله تعالى : يريد أن ينقض ، أي : ينكسر . يقال : قضضت الشيء إذا دققته ، ومنه قيل للحصى الصغار قضض . وانقض الجدار انقضاضا وانقاض انقياضا إذا تصدع من غير أن يسقط ، فإذا سقط قيل : تقيض تقيضا . وفي حديث ابن الزبير وهدم الكعبة : فأخذ ابن مطيع العتلة فعتل ناحية من الربض فأقضه ، أي : جعله قضضا . والقضض : الحصى الصغار جمع قضة بالكسر والفتح . وقض الشيء يقضه قضا : كسره . وقض اللؤلؤة يقضها ، بالضم ، قضا : ثقبها ومنه قضة العذراء إذا فرغ منها . واقتض المرأة : افترعها وهو من ذلك ، والاسم القضة ، بالكسر . وأخذ قضتها ، أي : عذرتها عن اللحياني . والقضة بالكسر : عذرة الجارية . وفي حديث هوازن : فاقتض الإداوة ، أي : فتح رأسها ، من اقتضاض البكر ، ويروى بالفاء ، وقد تقدم ، ومنه قولهم : انقض الطائر ، أي : هوى انقضاض الكواكب قال : ولم يستعملوا منه تفعل إلا مبدلا قالوا تقضى . وانقض الحائط : وقع ، وقال ذو الرمة :


                                                          جدا قضة الآساد وارتجزت له     بنوء السماكين الغيوث الروائح



                                                          ويروى حدا قضة الآساد ، أي : تبع هذا الجداير الأسد . ويقال : جئته عند قضة النجم ، أي : عند نوئه ، ومطرنا بقضة الأسد . والقضض : التراب يعلو الفراش ، قض يقض قضضا فهو قض وقضض ، وأقض : صار فيه القضض . قال أبو حنيفة : قيل لأعرابي : كيف رأيت المطر ؟ قال : لو ألقيت بضعة ما قضت ، أي : لم تترب ، يعني من كثرة العشب . واستقض المكان : أقض عليه ، ومكان قض وأرض قضة : ذات حصى ، وأنشد :


                                                          تثير الدواجن في قضة     عراقية وسطها للفدور



                                                          وقض الطعام يقض قضضا فهو قضض وأقض إذا كان فيه حصى أو تراب فوقع بين أضراس الآكل . ابن الأعرابي : قض اللحم إذا كان فيه قضض يقع في أضراس آكله شبه الحصى الصغار . ويقال : اتق القضة والقضة والقضض في طعامك ؛ يريد الحصى والتراب . وقد

                                                          [ ص: 129 ] قضضت الطعام قضضا إذا أكلت منه فوقع بين أضراسك حصى . وأرض قضة وقضة : كثيرة الحجارة والتراب . وطعام قض ولحم قض إذا وقع في حصى أو تراب فوجد ذلك في طعمه قال :


                                                          وأنتم أكلتم لحمه ترابا قضا



                                                          والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر . والقضة والقضة : الحصى الصغار . والقضة والقضة أيضا : أرض ذات حصى قال الراجز يصف دلوا :


                                                          قد وقعت في قضة من شرج     ثم استقلت مثل شدق العلج



                                                          وأقضت البضعة بالتراب وقضت : أصابها منه شيء . وقال أعرابي يصف خصبا ملأ الأرض عشبا : فالأرض اليوم لو تقذف بها بضعة لم تقض بترب ، أي : لم تقع إلا على عشب . وكل ما ناله تراب من طعام أو ثوب أو غيرهما قض . ودرع قضاء : خشنة المس من جدتها لم تنسحق بعد ، مشتق من ذلك ، وقال أبو عمرو : هي التي فرغ من عملها وأحكم وقد قضيتها قال النابغة :


                                                          ونسج سليم كل قضاء ذائل



                                                          قال بعضهم : هو مشتق من قضيتها ، أي : أحكمتها قال ابن سيده : وهذا خطأ في التصريف ; لأنه لو كان كذلك لقال قضياء وأنشد أبو عمرو بيت الهذلي :


                                                          وتعاورا مسردتين قضاهما     داود أو صنع السوابغ تبع



                                                          قال الأزهري : جعل أبو عمرو القضاء فعالا من قضى ، أي : حكم وفرغ ، قال : والقضاء فعلاء غير منصرف . وقال شمر : القضاء من الدروع الحديثة العهد بالجدة ، الخشنة المس من قولك أقض عليه الفراش ، وقال ابن السكيت في قوله :


                                                          كل قضاء ذائل



                                                          كل درع حديثة العمل . قال : ويقال القضاء الصلبة التي املاس في مجستها قضة . وقال ابن السكيت : القضاء المسمورة من قولهم قض الجوهرة إذ ثقبها ، وأنشد :


                                                          كأن حصانا قضها القين حرة     لدي حيث يلقى بالفناء حصيرها



                                                          شبهها على حصيرها ، وهو بساطها ، بدرة في صدف قضها ، أي : قض القين عنها صدفها فاستخرجها ، ومنه قضة العذراء . وقض عليه المضجع وأقض : نبا ، قال أبو ذؤيب الهذلي :


                                                          أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا     إلا أقض عليك ذاك المضجع



                                                          وأقض عليه المضجع ، أي : تترب وخشن . وأقض الله عليه المضجع ، يتعدى ولا يتعدى . واستقض مضجعه ، أي : وجده خشنا . ويقال : قض وأقض إذا لم ينم نومة وكان في مضجعه خشنة . وأقض على فلان مضجعه إذا لم يطمئن به النوم . وأقض الرجل : تتبع مداق الأمور والمطامع الدنيئة وأسف على خساسها ، قال :


                                                          ما كنت من تكرم الأعراض     والخلق العف عن الإقضاض



                                                          وجاءوا قضهم بقضيضهم ، أي : بأجمعهم وأنشد سيبويه للشماخ :


                                                          أتتني سليم قضها بقضيضها     تمسح حولي بالبقيع سبالها



                                                          وكذلك : جاءوا قضهم وقضيضهم ، أي : بجمعهم لم يدعوا وراءهم شيئا ولا أحدا ، وهو اسم منصوب موضوع موضع المصدر كأنه قال : جاءوا انقضاضا قال سيبويه : كأنه يقول انقض آخرهم على أولهم وهو من المصادر الموضوعة موضع الأحوال ، ومن العرب من يعربه ويجريه على ما قبله ، وفي الصحاح : ويجريه مجرى كلهم . وجاء القوم بقضهم وقضيضهم ، عن ثعلب و أبي عبيد . وحكى أبو عبيد في الحديث : يؤتى بقضها وقضها وقضيضها ، وحكى كراع : أتوني قضهم بقضيضهم ورأيتهم قضهم بقضيضهم ومررت بهم قضهم وقضيضهم . أبو طالب : قولهم جاء بالقض والقضيض فالقض الحصى ، والقضيض ما تكسر منه ودق . وقال أبو الهيثم : القض الحصى والقضيض جمع مثل كلب وكليب ، وقال الأصمعي في قوله :


                                                          جاءت فزارة قضها بقضيضها



                                                          لم أسمعهم ينشدون قضها إلا بالرفع قال ابن بري : شاهد قوله جاءوا قضهم بقضيضهم ، أي : بأجمعهم ، قول أوس ابن حجر :


                                                          وجاءت جحاش قضها بقضيضها     بأكثر ما كانوا عديدا وأوكعوا



                                                          وفي الحديث : يؤتى بالدنيا بقضها وقضيضها ، أي : بكل ما فيها ، من قولهم جاءوا بقضهم وقضيضهم إذا جاءوا مجتمعين ينقض آخرهم على أولهم من قولهم قضضنا عليهم الخيل ونحن نقضها قضا . قال ابن الأثير : وتلخيصه أن القض وضع موضع القاض كزور وصوم بمعنى زائر وصائم ، والقضيض موضع المقضوض ; لأن الأول لتقدمه وحمله الآخر على اللحاق به كأنه يقضه على نفسه ، فحقيقته جاءوا بمستلحقهم وحقهم ، أي : بأولهم وآخرهم ، قال : وألخص من هذا كله قول ابن الأعرابي : إن القض الحصى الكبار ، والقضيض الحصى الصغار ، أي : جاءوا بالكبير والصغير . ومنه الحديث : دخلت الجنة أمة بقضها وقضيضها . وفي حديث أبي الدحداح : وارتحلي بالقض والأولاد ، أي : بالأتباع ومن يتصل بك . وفي حديث صفوان بن محرز : كان إذا قرأ هذه الآية : وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون بكى حتى يرى لقد انقد قضيض زوره ، هكذا روي ، قال القتيبي : هو عندي خطأ من بعض النقلة وأراه قصص زوره ، وهو وسط صدره وقد تقدم ، قال : ويحتمل إن صحت الرواية أن يراد بالقضيض صغار العظام تشبيها بصغار الحصى . وفي الحديث : لو أن أحدكم انفض مما صنع بابن عفان لحق له أن ينفض ، قال شمر : أي : يتقطع ، وقد روي بالقاف يكاد ينقض . الليث : القضة أرض منخفضة ترابها رمل وإلى جانبها متن مرتفع وجمعها القضون ، وقول أبي النجم :


                                                          بل منهل ناء عن الغياض     هامي العشي مشرف القضقاض



                                                          قيل : القضقاض والقضقاض ما استوى من الأرض ، يقول : يستبين القضقاض في رأي العين مشرفا لبعده . والقضيض : صوت تسمعه من النسع والوتر عند الإنباض كأنه قطع ، وقد قض يقض قضيضا . [ ص: 130 ] والقضاض : صخر يركب بعضه بعضا كالرضام ، وقال شمر : القضانة الجبل يكون أطباقا وأنشد :


                                                          كأنما قرع ألحيها إذا وجفت     قرع المعاول في قضانة قلع



                                                          قال : القلع المشرف منه كالقلعة ، قال الأزهري : كأنه من قضضت الشيء ، أي : دققته وهو فعلانة منه . وفي نوادر الأعراب : القضة الوسم ، قال الراجز :


                                                          معروفة قضتها رعن الهام



                                                          والقضة ، بفتح القاف : الفضة وهي الحجارة المجتمعة المتشققة . والقضقضة : كسر العظام والأعضاء . وقضقض الشيء فتقضقض : كسره فتكسر ودقه . والقضقضة صوت كسر العظام . وقضضت السويق وأقضضته إذا ألقيت فيه سكرا يابسا . وأسد قضقاض وقضاقض : يحطم كل شيء ويقضقض فريسته قال رؤبة بن العجاج :


                                                          كم جاوزت من حية نضناض     وأسد في غيله قضقاض



                                                          وفي حديث مانع الزكاة : يمثل له كنزه شجاعا فيلقمه يده فيقضقضها ، أي : يكسرها . وفي حديث صفية بنت عبد المطلب : فأطل علينا يهودي فقمت إليه فضربت رأسه بالسيف ثم رميت به عليهم فتقضقضوا ، أي : انكسروا وتفرقوا . شمر : يقال قضقضت جنبه من صلبه ، أي : قطعته والذئب يقضقض العظام قال أبو زيد :


                                                          قضقض بالتأبين قلة رأسه     ودق صليف العنق والعنق أصعر



                                                          وفي الحديث : أن بعضهم قال : لو أن رجلا انقض انقضاضا مما صنع بابن عفان لحق له أن ينفض ، قال شمر : ينفض بالفاء يريد يتقطع . وقد انقضت أوصاله إذا تفرقت وتقطعت . قال : ويقال قض فا الأبعد وفضه ، والفض : أن يكسر أسنانه قال : ويروى بيت الكميت :


                                                          يقض أصول النخل من نخواته



                                                          بالفاء والقاف ، أي : يقطع ويرمي به . والقضاء من الإبل : ما بين الثلاثين إلى الأربعين . والقضاء من الناس : الجلة وإن كان لا حسب لهم بعد أن يكونوا جلة في أبدان وأسنان . ابن بري : والقضاء من الإبل ليس من هذا الباب لأنها من قضى يقضي ، أي : يقضى بها الحقوق . والقضاء من الناس : الجلة في أسنانهم . الأزهري : القضة بتخفيف الضاد ليست من حد المضاعف وهي شجرة من شجر الحمض معروفة ، وروي عن ابن السكيت قال : القضة نبت يجمع القضين والقضون قال : وإذا جمعته على مثل البرى قلت : القضى وأنشد :


                                                          بساقين ساقي ذي قضين تحشه     بأعواد رند أو ألاوية شقرا



                                                          قال : وأما الأرض التي ترابها رمل فهي قضة بتشديد الضاد وجمعها قضات . قال : وأما القضقاض فهو من شجر الحمض أيضا ، ويقال : إنه أشنان أهل الشام . ابن دريد : قضة موضع معروف كانت فيه وقعة بين بكر وتغلب سمي يوم قضة ، شدد الضاد فيه . أبو زيد : قض ، خفيفة ، حكاية صوت الركبة إذا صاتت يقال : قالت ركبته قض ، وأنشد :


                                                          وقول ركبتها قض حين تثنيها



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية