الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب التداوي بالعود الهندي وهو الكست

                                                                                                                287 حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب وابن أبي عمر واللفظ لزهير قال يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محصن أخت عكاشة بن محصن قالت دخلت بابن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأكل الطعام فبال عليه فدعا بماء فرشه قالت ودخلت عليه بابن لي قد أعلقت عليه من العذرة فقال علامه تدغرن أولادكن بهذا العلاق عليكن بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب يسعط من العذرة ويلد من ذات الجنب

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قولها : ( دخلت عليه بابن لي قد أعلقت عليه من العذرة ، فقال : علام تدغرن أولادكن بهذا العلاق ، عليكن بهذا العود الهندي ، فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب يسعط من العذرة ، ويلد من ذات الجنب ) .

                                                                                                                أما قولها : ( أعلقت عليه ) فهكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم ( عليه ) ووقع في صحيح البخاري من رواية معمر وغيره ( عليه ) فأعلقت عليه كما هنا . ومن رواية سفيان بن عيينة ( فأعلقت عنه ) [ ص: 368 ] بالنون ، وهذا هو المعروف عند أهل اللغة . قال الخطابي : المحدثون يروونه ( أعلقت عليه ) ، والصواب ( عنه ) وكذا قاله غيره ، وحكاهما بعضهم لغتين : أعلقت عنه ، وعليه ، ومعناه عالجت وجع لهاته بأصبعي .

                                                                                                                وأما ( العذرة ) فقال العلماء هي بضم العين وبالذال المعجمة ، وهي وجع في الحلق يهيج من الدم ، يقال في علاجها : عذرته ، فهو معذور . وقيل : هي قرحة تخرج في الخرم الذي بين الحلق والأنف ، تعرض للصبيان غالبا عند طلوع العذرة ، وهي خمسة كواكب تحت الشعرى العبور ، وتسمى العذارى ، وتطلع في وسط الحز ، وعادة النساء في معالجة العذرة أن تأخذ المرأة خرقة فتفتلها فتلا شديدا وتدخلها في أنف الصبي ، وتطعن ذلك الموضع ، فينفجر منه دم أسود ، وربما أقرحته ، وذلك الطعن يسمى دغرا وغدرا . فمعنى ( تدغرن أولادكن ) أنها تغمز حلق الولد بأصبعها ، فترفع ذلك الموضع ، وتكبسه .

                                                                                                                وأما ( العلاق ) فبفتح العين وفي الرواية الأخرى ( الإعلاق ) وهو الأشهر عند أهل اللغة حتى زعم بعضهم أنه الصواب ، وأن العلاق لا يجوز . قالوا : والإعلاق مصدر أعلقت عنه ، ومعناه أزلت عنه العلوق ، وهي الآفة والداهية ، والإعلاق هو معالجة عذرة الصبي ، وهي وجع حلقه كما سبق . قال ابن الأثير : ويجوز أن يكون العلاق هو الاسم منه .

                                                                                                                وأما ( ذات الجنب ) فعلة معروفة . والعود الهندي يقال له : القسط ، والكست لغتان مشهورتان .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( علامه تدغرن أولادكن ) هكذا هو في جميع النسخ ( علامه ) وهي هاء السكت ثبتت هنا في الدرج . قوله : ( والحبة السوداء الشونيز ) هذا هو الصواب المشهور الذي ذكره الجمهور . قال القاضي : وذكر الحربي عن الحسن أنها الخردل . قال : وقيل : هي الحبة الخضراء ، وهي البطم ، والعرب تسمي الأخضر أسود ، ومنه سواد العراق لخضرته بالأشجار ، وتسمي الأسود أيضا أخضر .




                                                                                                                الخدمات العلمية