الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7196 ) فصل : وتجوز الشهادة بالحد من غير مدع . لا نعلم فيه اختلافا ، ونص عليه أحمد ، واحتج بقضية أبي بكرة ، حين شهد هو وأصحابه على المغيرة من غير تقدم دعوى ، وشهد الجارود وصاحبه على قدامة بن مظعون بشرب [ ص: 71 ] الخمر ، ولم يتقدمه دعوى . ولأن الحد حق لله تعالى فلم تفتقر الشهادة به إلى تقدم دعوى ، كالعبادات ، يبينه أن الدعوى في سائر الحقوق إنما تكون من المستحق ، وهذا لا حق فيه لأحد من الآدميين فيدعيه ، فلو وقعت الشهادة على الدعوى لامتنعت إقامتها .

                                                                                                                                            إذا ثبت هذا فإن من عنده شهادة على حد ، فالمستحب أن لا يقيمها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من ستر عورة مسلم في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة } . وتجوز إقامتها ; لقول الله تعالى : { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } . ولأن الذين شهدوا بالحد في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، لم تنكر عليهم شهادتهم به . ويستحب للإمام وغيره التعريض بالوقوف عن الشهادة ; بدليل قول عمر لزياد : إني لأرى رجلا أرجو أن لا يفضح الله على يديه رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولأن تركها أفضل ، فلم يكن بأس بدلالته على الفضل .

                                                                                                                                            وقد روي أن رجلا سأل عقبة بن عامر ، فقال إن لي جيرانا يشربون الخمر ، أفأرفعهم إلى السلطان ؟ فقال عقبة بن عامر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { : من ستر عورة مسلم ، ستره الله في الدنيا والآخرة . }

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية