الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث .

                                                                                                                                                                                                                                      بين الله جل وعلا أنه علم نبيه يوسف من تأويل الأحاديث ، وصرح بذلك أيضا في قوله : وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث [ 12 \ 21 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث [ 12 \ 101 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      واختلف العلماء في المراد بتأويل الأحاديث .

                                                                                                                                                                                                                                      فذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المراد بذلك : تعبير الرؤيا ، فالأحاديث على هذا القول هي الرؤيا ، قالوا : لأنها إما حديث نفس ، أو ملك ، أو شيطان .

                                                                                                                                                                                                                                      وكان يوسف أعبر الناس للرؤيا ، ويدل لهذا الوجه الآيات الدالة على خبرته بتأويل الرؤيا ، كقوله : ياصاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان [ 12 \ 41 ] ، وقوله :

                                                                                                                                                                                                                                      قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله [ 12 \ 47 ] إلى قوله : يعصرون [ 12 \ 49 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض العلماء : المراد بتأويل الأحاديث معرفة معاني كتب الله وسنن الأنبياء ، وما غمض وما اشتبه على الناس من أغراضها ومقاصدها ، يفسرها لهم ويشرحها ، ويدلهم على مودعات حكمها .

                                                                                                                                                                                                                                      وسميت أحاديث ; لأنها يحدث بها عن الله ورسله ، فيقال : قال الله كذا ، وقال رسوله كذا ، ألا ترى إلى قوله تعالى : فبأي حديث بعده يؤمنون [ 7 \ 185 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : [ ص: 203 ] الله نزل أحسن الحديث الآية [ 39 \ 23 ] ، ويدل لهذا الوجه قوله تعالى : ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما [ 28 \ 14 ] ، وقوله : قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي الآية [ 12 \ 37 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده عفا الله عنه : الظاهر أن الآيات المذكورة تشمل ذلك كله من تأويل الرؤيا ، وعلوم كتب الله وسنن الأنبياء ، والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية