الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 40 ] فصل : وإذا كان الزاني رجلا أقيم قائما ، ولم يوثق بشيء ولم يحفر له ، سواء ثبت الزنى ببينة أو إقرار . لا نعلم فيه خلافا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفر لماعز . قال أبو سعيد : { لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم ماعز خرجنا به إلى البقيع ، فوالله ما حفرنا له ، ولا أوثقناه ، ولكنه قام لنا } . رواه أبو داود . ولأن الحفر له ، ودفن بعضه ، عقوبة لم يرد بها الشرع في حقه ، فوجب أن لا تثبت . وإن كان امرأة ، فظاهر كلام أحمد ، أنها لا يحفر لها أيضا . وهو الذي ذكره القاضي في " الخلاف " ، وذكر في " المجرد " أنه إن ثبت الحد بالإقرار ، لم يحفر لها ، وإن ثبت بالبينة ، حفر لها إلى الصدر .

                                                                                                                                            قال أبو الخطاب : وهذا أصح عندي . وهو قول أصحاب الشافعي ; لما روى أبو بكر وبريدة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة ، فحفر لها إلى الثندوة } . رواه أبو داود . ولأنه أستر لها ، ولا حاجة إلى تمكينها من الهرب ، لكون الحد ثبت بالبينة ، فلا يسقط بفعل من جهتها ، بخلاف الثابت بالإقرار ، فإنها تترك على حال لو أرادت الهرب تمكنت منه ; لأن رجوعها عن إقرارها مقبول . ولنا ، أن أكثر الأحاديث على ترك الحفر ، فإن { النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفر للجهنية ، ولا لماعز ، ولا لليهوديين } ، والحديث الذي احتجوا به غير معمول به ، ولا يقولون به ، فإن التي نقل عنه الحفر لها ، ثبت حدها بإقرارها ، ولا خلاف بيننا فيها ، فلا يسوغ لهم الاحتجاج به مع مخالفتهم له . إذا ثبت هذا ، فإن ثياب المرأة تشد عليها ، كي لا تنكشف .

                                                                                                                                            وقد روى أبو داود ، بإسناده عن عمران بن حصين ، قال : فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فشدت عليها ثيابها . ولأن ذلك أستر لها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية