الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7114 ) فصل : وإذا صلى الكافر ، حكم بإسلامه ، سواء كان في دار الحرب أو دار الإسلام أو صلى جماعة أو فرادى . وقال الشافعي : إن صلى في دار الحرب ، حكم بإسلامه ، وإن صلى في دار الإسلام ، لم يحكم بإسلامه ; لأنه يحتمل أنه صلى رياء وتقية . ولنا أن ما كان إسلاما في دار الحرب كان إسلاما في دار الإسلام ، كالشهادتين ، ولأن الصلاة ركن يختص به الإسلام ، فحكم بإسلامه به كالشهادتين . واحتمال التقية والرياء ، يبطل بالشهادتين . وسواء كان أصليا أو مرتدا . وأما سائر الأركان ، من الزكاة والصيام والحج ، فلا يحكم بإسلامه به ، فإن المشركين كانوا يحجون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى منعهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { لا يحج بعد العام مشرك . } والزكاة صدقة ، وهم يتصدقون .

                                                                                                                                            وقد فرض على نصارى بني تغلب من الزكاة مثلي ما يؤخذ من المسلمين ، ولم يصيروا بذلك مسلمين ، وأما الصيام فلكل أهل دين صيام ، ولأن الصيام ليس بفعل ، إنما هو إمساك عن أفعال مخصوصة في وقت مخصوص ، وقد يتفق هذا من الكافر ، كاتفاقه من المسلم ، ولا عبرة بنية الصيام ; لأنها أمر باطن لا علم لنا به ، بخلاف الصلاة ، فإنها أفعال تتميز عن أفعال الكفار ، ويختص بها أهل الإسلام ، ولا يثبت الإسلام حتى يأتي بصلاة يتميز بها عن صلاة الكفار ، من استقبال قبلتنا ، والركوع ، والسجود ، ولا يحصل بمجرد القيام ; لأنهم يقومون في صلاتهم .

                                                                                                                                            ولا فرق بين الأصلي والمرتد في هذا ; لأن ما حصل به الإسلام في الأصلي ، حصل به في حق المرتد كالشهادتين . فعلى هذا ، لو مات المرتد فأقام ورثته بينة أنه صلى بعد ردته ، حكم لهم بالميراث ، إلا أن يثبت أنه ارتد بعد صلاته أو تكون ردته بجحد فريضة ، أو كتاب ، أو نبي ، أو ملك ، أو نحو ذلك من البدع التي ينتسب أهلها إلى الإسلام ، فإنه لا يحكم بإسلامه بصلاته ; لأنه يعتقد وجوب الصلاة ، ويفعلها مع كفره ، فأشبه فعله غيرها . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية