الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب الدليل على أن من مات على الكفر لا ينفعه عمل

                                                                                                                214 حدثني أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث عن داود عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت قلت يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه قال لا ينفعه إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين [ ص: 445 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 445 ] باب الدليل على أن من مات على الكفر لا ينفعه عمل

                                                                                                                فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - : ( قالت : قلت يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه ؟ قال : لا ينفعه ، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ) معنى هذا الحديث : أن ما كان يفعله من الصلة والإطعام ووجوه المكارم لا ينفعه في الآخرة ; لكونه كافرا ، وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لم يقل رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ) أي لم يكن مصدقا بالبعث ، ومن لم يصدق به كافر ولا ينفعه عمل . قال القاضي عياض - رحمه الله - تعالى - : وقد انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ، ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب ، لكن بعضهم أشد عذابا من بعض بحسب جرائمهم . هذا آخر كلام القاضي . وذكر الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي في كتابه ( البعث والنشور ) نحو هذا عن بعض أهل العلم والنظر ، قال البيهقي : وقد يجوز أن يكون حديث ابن جدعان وما ورد من الآيات والأخبار في بطلان خيرات الكافر إذا مات على الكفر ، ورد في أنه لا يكون لها موقع التخلص من النار وإدخال الجنة ولكن يخفف عنه عذابه الذي يستوجبه على جنايات ارتكبها سوى الكفر بما فعل من الخيرات . هذا كلام البيهقي . قال العلماء : وكان ابن جدعان كثير الإطعام وكان اتخذ للضيفان جفنة يرقى إليها بسلم ، وكان من بني تميم بن مرة أقرباء عائشة - رضي الله عنها - ، وكان من رؤساء قريش ، واسمه عبد الله ، ( وجدعان ) بضم الجيم وإسكان الدال المهملة وبالعين المهملة . وأما صلة الرحم فهي الإحسان إلى الأقارب ، وقد تقدم بيانها . وأما الجاهلية فما كان قبل النبوة ، سموا بذلك لكثرة جهالاتهم . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية