الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الطراز

                                                                                      الإمام العلامة المقرئ المجود الحافظ المحدث أبو عبد الله محمد بن [ ص: 259 ] سعيد بن علي بن يوسف الأنصاري الأندلسي الغرناطي المقرئ .

                                                                                      قال ابن الزبير : كان مقرئا جليلا ، ومحدثا حافلا ، ختم به هذا الباب ألبتة . روى عن القاضي أبي القاسم بن سمجون أكثر عنه ، ولازمه ، وعن أبي جعفر بن شراحيل ، ومحمد بن يوسف بن صاحب " الأحكام " ، وعبد المنعم بن الضحاك ، وعلي بن جابر الأنصاري ، وأبي زكريا الأصبهاني ، وعبد الصمد بن أبي رجاء البلوي ، وأبي القاسم الملاحي ، وأبي محمد الكواب ، وسعد الحفار ، وسهل بن مالك بغرناطة ، وأبي جعفر أحمد بن يحيى الحميري ، وعلي بن أحمد الغافقي السقوري بقرطبة ، والحافظ أبي محمد القرطبي بمالقة ولازمه وانتفع به في صناعة الحديث ، وعتيق بن خلف ، وأبي علي الرندي ، وابني حوط الله بها ، وعن أبي الحسين بن زرقون بإشبلية ، وأبي الصبر أيوب الفهري ، وأبي العباس العزفي ولازمه بسبتة . وتلا بالسبع على أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن إدريس الأموي ، وأخذ بفاس عن أبي عبد الله بن الفتوت ، وتلا عليه بالسبع ، ويعيش بن القديم . وأخذ علم الكلام عن أبي العباس بن البقال . وأجاز له ابن نوح ، وابن عون الله ، وأبو محمد الزهري ، وأبو عمر [ ص: 260 ] ابن عات ، وخلق من أهل المشرق .

                                                                                      قال : وكان ضابطا متقنا ، ومفيدا حافلا ، بارع الخط ، حسن الوراقة ، عارفا بالأسانيد والطرق والرجال وطبقاتهم ، مقدما عارفا بالقراءات ، مشاركا في علوم العربية والفقه والأصول ، كاتبا نبيلا ، مجموعا فاضلا متخلقا ، ثقة عدلا ، كتب بخطه كثيرا وأمهات وأوضح كثيرا من كتاب " مشارق الأنوار " لعياض ، وجمع عليه أصولا حافلة وأمهات هائلة من الأغربة وكتب اللغات ، وعكف على ذلك مدة ، وبالغ في البحث والتفتيش ، حتى تخلص الكتاب على أتم وجه ، وبرزت محاسنه ، ثم يبالغ ابن الزبير في مدح هذا الكتاب .

                                                                                      روى عنه أبو عبد الله الطنجالي ، وحميد القرطبي ، والكاتب أبو الحسن بن فرج ، وأبو إسحاق البلفيقي ، اختلفت إليه في مرضه ، وحضرت معه في بعض تصرفاته ، وانتفعت به إلا أنني لم آخذ عنه بقراءة ولا بغير ذلك تفريطا مني .

                                                                                      توفي في ثالث شوال سنة خمس وأربعين وستمائة وكان جنازته من أحفل جنازة شاهدتها ، ووصى أن لا يقرأ على قبره ولا يبنى عليه ، وكان ممن وضع الله له ودا في قلوب عباده ، معظما عند جميع الناس خصوصا في غير بلده ، ولقد كان من أشد الناس غيرة على السنة وأهلها وأبغضهم في أهل الأهواء والبدع .

                                                                                      [ ص: 261 ] قلت : أظنه مات كهلا أو في أول الشيخوخة .

                                                                                      كتب إلينا أبو محمد بن هارون بمروياته فمن ذلك أنه سمع كتاب " الشمائل " من الحافظ الطراز ، وأجاز له مروياته .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية