الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون .

                                                                                                                                                                                                                                      ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة شدة حر نار جهنم أعاذنا الله والمسلمين منها ، وبين ذلك في مواضع أخر كقوله : نارا وقودها الناس والحجارة [ 66 \ 6 ] ، وقوله : كلا إنها لظى نزاعة للشوى [ 7 \ 15 ، 16 ] ، وقوله : كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها [ 4 \ 56 ] ، وقوله : يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد [ 22 \ 19 - 21 ] ، وقوله : وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه الآية [ 18 \ 29 ] ، وقوله : وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم [ 47 \ 15 ] إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      تنبيه

                                                                                                                                                                                                                                      اختلف العلماء في وزن جهنم بالميزان الصرفي ، فذهب بعض علماء العربية إلى أن [ ص: 147 ] وزنه " فعنل " فالنون المضعفة زائدة ، وأصل المادة : الجيم والهاء والميم ، من : تجهم : إذا عبس وجهه ; لأنها تلقاهم بوجه متجهم عابس ، وتتجهم وجوههم وتعبس فيها لما يلاقون من ألم العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      ومنه قول مسلم بن الوليد الأنصاري : [ الطويل ]


                                                                                                                                                                                                                                      شكوت إليها حبها فتبسمت ولم أر شمسا قبلها تتبسم     فقلت لها جودي فأبدت تجهما
                                                                                                                                                                                                                                      لتقتلني يا حسنها إذ تجهم

                                                                                                                                                                                                                                      وتقول العرب : جهمه : إذا استقبله بوجه كريه مجتمع ، ومنه قول عمرو بن الفضفاض الجهني : [ الطويل ]


                                                                                                                                                                                                                                      ولا تجهمينا أم عمرو فإنما     بنا داء ظبي لم تخنه عوامله

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض العلماء : جهنم فارسي معرب ، والأصل " كهنام " وهو بلسانهم " النار " ، فعربته العرب وأبدلوا الكاف جيما .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية