الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 83 ] الفصل الثالث : أن الحيضة التي تطلق فيها ، لا تحسب من عدتها . بغير خلاف بين أهل العلم ; لأن الله تعالى أمر بثلاثة قروء ، فتناول ثلاثة كاملة ، والتي طلق فيها لم يبق منها ما تتم به مع اثنتين ثلاثة كاملة ، فلا يعتد بها . ولأن الطلاق إنما حرم في الحيض ; لما فيه من تطويل العدة عليها ، فلو احتسبت بتلك الحيضة قرءا ، كان أقصر لعدتها ، وأنفع لها ، فلم يكن محرما ، ومن قال : القروء الأطهار . احتسب لها بالطهر الذي طلقها فيه قرءا ، فلو طلقها وقد بقي من قرئها لحظة ، حسبها قرءا ، وهذا قول كل من قال : القروء الأطهار . إلا الزهري وحده ، قال : تعتد بثلاثة قروء سوى الطهر الذي طلقها فيه .

                                                                                                                                            . وحكي عن أبي عبيد ، أنه إن كان جامعها في الطهر ، لم يحتسب ببقيته ; لأنه زمن حرم فيه الطلاق ، فلم يحتسب به من العدة ، كزمن الحيض . ولنا أن الطلاق حرم في زمن الحيض دفعا لضرر تطويل العدة عليها ، فلو لم يحتسب ببقية الطهر قرءا ، كان الطلاق في الطهر أضر بها ، وأطول عليها ، وما ذكر عن أبي عبيد لا يصح ; لأن تحريم الطلاق في الحيض لكونها لا تحتسب ببقيته ، فلا يجوز أن تجعل العلة في عدم الاحتساب تحريم الطلاق ، فتصير العلة معلولا ، وإنما تحريم الطلاق في الطهر الذي أصابها فيه ، لكونها مرتابة ، ولكونه لا يأمن الندم بظهور حملها ، فأما إن انقضت حروف الطلاق مع انقضاء الطهر ، فإن الطلاق يقع في أول الحيضة ، ويكون محرما ، ولا تحتسب بتلك الحيضة من عدتها ، وتحتاج أن تعتد بثلاث حيض بعدها ، أو ثلاثة أطهار ، على الرواية الأخرى .

                                                                                                                                            ولو قال لها : أنت طالق في آخر طهرك . أو في آخر جزء من طهرك . أو انقضت حروف الإيقاع ، ولم يبق من الطهر إلا زمن الوقوع ، فإنها لا تحتسب بالطهر الذي وقع فيه الطلاق ; لأن العدة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق ، وليس بعده طهر تعتد به ، ولا يجوز الاعتداد بما قبله . ولا بما قاربه ، ومن جعل القرء الحيض ، اعتد لها بالحيضة التي تلي الطلاق ; لأنها حيضة كاملة ، لم يقع فيها طلاق ، فوجب أن تعتد بها قرءا . وإن اختلفا ، فقال الزوج : وقع الطلاق في أول الحيض . وقالت : بل في آخر الطهر . أو قال : انقضت حروف الطلاق مع انقضاء الطهر . وقالت : بل قد بقي منه بقية . فالقول قولها ; لأن قولها مقبول في الحيض ، وفي انقضاء العدة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية