الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن بنان

                                                                                      المولى الفاضل الأثير ، ذو الرياستين أبو الفضل محمد بن محمد بن [ ص: 221 ] أبي الطاهر محمد بن بنان الأنباري الأصل ، المصري الكاتب ، ولد القاضي الأجل أبي الفضل .

                                                                                      ولد بالقاهرة سنة سبع وخمسمائة .

                                                                                      وسمع من أبي صادق مرشد المديني ، ووالده ، وأبي البركات محمد بن حمزة العرقي ، والقاضي محمد بن هبة الله بن عرس .

                                                                                      وتلا على أبي العباس بن الحطيئة .

                                                                                      حدث عنه : الشريف محمد بن عبد الرحمن الحسيني الحلبي ، والرشيد أبو الحسين العطار ، وجماعة سواهما .

                                                                                      قال الدبيثي قدم بغداد رسولا من صاحب اليمن سيف الإسلام فحدث " بالسيرة " عن والده عن الحبال . وحدث ب " صحاح " الجوهري وكتبوا عنه من شعره .

                                                                                      [ ص: 222 ] وقال المنذري سمع منه جماعة من رفقائنا ، وكتب الكثير ، وخطه في غاية الجودة . ولي ديوان النظر في الدولة المصرية ، وتقلب في الخدم ، وعاش تسعا وثمانين سنة .

                                                                                      قال الموفق عبد اللطيف : كان أسمر طوالا رقيقا ، له أدب وترسل ، وكان صاحب الديوان ، والقاضي الفاضل ممن يغشى بابه ويمتدحه ، ويفخر بالوصول إليه ، فلما جاءت الدولة الصلاحية ، قال الفاضل : هذا رجل كبير القدر ينبغي أن يجرى عليه ما يكفيه ، ويجلس في بيته ، ففعل ذلك ، ثم توجه إلى اليمن ، ووزر بها ، وترسل إلى بغداد ، فعظم وبجل ، ولما صرت إلى مصر ، وجدت ابن بنان في ضنك ، وعليه دين ثقيل أدى أمره إلى أن حبسه الحاكم بالجامع ، وكان ينتقص بالقاضي الفاضل ، ويراه بالعين الأولى فقصر الفاضل في حقه ، وكان الدين لأعجمي ، فصعد إليه إلى سطح الجامع ، وسفه عليه ، وقبض على لحيته وضربه ، ففر وألقى نفسه من السطح ، فتهشم ، فحمل إلى داره ، ومات بعد أيام ، فسير الفاضل لتجهيزه خمسة عشر دينارا مع ولده ، ثم إن الفاضل مات بعد ثلاثة أيام فجاءة .

                                                                                      مات ابن بنان في ثالث ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمسمائة [ ص: 223 ]

                                                                                      وكان فيها القحط بمصر والفناء ، وخرب الإقليم ، وجلا أهله ، وأكلوا الميتة والآدميين ، وهلكوا ; لأن النيل كسر من ثلاثة عشر ذراعا وأصابع ، وقيل : ما كمل الثلاثة عشر فلله الأمر .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية