الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله وصبره على أذى المنافقين

                                                                                                                1798 حدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن رافع وعبد بن حميد واللفظ لابن رافع قال ابن رافع حدثنا وقال الآخران أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة أن أسامة بن زيد أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية وأردف وراءه أسامة وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج وذاك قبل وقعة بدر حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فيهم عبد الله بن أبي وفي المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال لا تغبروا علينا فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله بن أبي أيها المرء لا أحسن من هذا إن كان ما تقول حقا فلا تؤذنا في مجالسنا وارجع إلى رحلك فمن جاءك منا فاقصص عليه فقال عبد الله بن رواحة اغشنا في مجالسنا فإنا نحب ذلك قال فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى هموا أن يتواثبوا فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة فقال أي سعد ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب يريد عبد الله بن أبي قال كذا وكذا قال اعف عنه يا رسول الله واصفح فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه شرق بذلك فذلك فعل به ما رأيت فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم حدثني محمد بن رافع حدثنا حجين يعني ابن المثنى حدثنا ليث عن عقيل عن ابن شهاب في هذا الإسناد بمثله وزاد وذلك قبل أن يسلم عبد الله

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( ركب حمارا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية ) ( الإكاف ) بكسر الهمزة ، ويقال وكاف أيضا ، والقطيفة : دثار مجمل ، جمعها قطائف وقطف ، والفدكية : منسوبة إلى فدك بلدة معروفة على مرحلتين أو ثلاث من المدينة .

                                                                                                                قوله : ( وأردف وراءه أسامة وهو يعود سعد بن عبادة ) فيه جواز الإرداف على الحمار وغيره من الدواب إذا كان مطيقا ، وفيه جواز العيادة راكبا .

                                                                                                                وفيه أن ركوب الحمار ليس بنقص في حق [ ص: 488 ] الكبار .

                                                                                                                قوله : ( عجاجة الدابة ) هو ما ارتفع من غبار حوافرها .

                                                                                                                قوله : ( خمر أنفه ) أي : غطاه .

                                                                                                                قوله : ( فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ) فيه جواز الابتداء بالسلام على قوم فيهم مسلمون وكفار ، وهذا مجمع عليه .

                                                                                                                قوله : ( أيها المرء لا أحسن من هذا ) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا بألف في ( أحسن ) أي ليس شيء أحسن من هذا ، وكذا حكاه القاضي عن جماهير رواة مسلم ، قال : ووقع القاضي أبي علي ( الأحسن من هذا ) بالقصر من غير ألف ، قال القاضي : وهو عندي أظهر ، وتقديره : أحسن من هذا أن تقعد في بيتك ولا تأتينا .

                                                                                                                قوله : ( فلم يزل يخفضهم ) أي : يسكنهم ويسهل الأمر بينهم .

                                                                                                                قوله : ( ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة ) بضم الباء على التصغير ، قال القاضي : وروينا في غير مسلم ( البحيرة ) مكبرة ، وكلاهما بمعنى ، وأصلها القرية ، والمراد بها هنا مدينة النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                قوله : ( ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة ) معناه : اتفقوا على أن يجعلوه ملكهم ، وكان من عادتهم إذا ملكوا إنسانا أن يتوجوه ويعصبوه .

                                                                                                                قوله : ( شرق بذلك ) بكسر الراء ، أي : غص ، ومعناه : حسد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان ذلك بسبب نفاقه عافانا الله الكريم .

                                                                                                                [ ص: 489 ] قوله : ( وذلك قبل أن يسلم عبد الله ) معناه : قبل أن يظهر الإسلام ، وإلا فقد كان كافرا منافقا ظاهر النفاق .




                                                                                                                الخدمات العلمية