الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              كتاب الشفعة بإسكان الفاء وحكي ضمها وهي لغة من الشفع ضد الوتر فكأن الشفيع يجعل نفسه أو نصيبه شفعا بضم نصيب شريكه إليه أو من الشفاعة ؛ لأن الأخذ جاهلية كان بها أو من الزيادة والتقوية ويرجعان لما قبلهما وشرعا حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض لدفع الضرر أي ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق وغيرها كالمصعد والمنور والبالوعة في الحصة الصائرة إليه وقيل ضرر سوء المشاركة ولكونها تؤخذ قهرا جعلت أثر الغصب إشارة إلى استثنائها منه

                                                                                                                              والأصل فيها [ ص: 54 ] الإجماع إلا من شذ والأخبار كخبر البخاري { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة } وقوله لم يقسم ظاهر في أنه يقبل القسمة ؛ لأن الأصل في النفي بلم أن يكون في الممكن بخلافه بلا واستعمال أحدهما محل الآخر تجوز أو إجمال قاله ابن دقيق العيد والعفو عنها أفضل إلا أن يكون المشتري نادما أو مغبونا وأركانها ثلاثة آخذ ومأخوذ منه ومأخوذ ، والصيغة إنما تجب في التملك كما يأتي .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              كتاب الشفعة

                                                                                                                              ( قوله وقيل ضرر سوء المشاركة ) ما المانع من إرادة الأمرين ( قوله إشارة إلى استثنائها منه ) في الاستثناء شيء [ ص: 54 ] لعدم دخولها في الغصب لخروجها عنه بقيد عدوانا أو بغير حق إلا أن يراد الإشارة إلى أنها كأنها مستثناة منه ( قوله : لأن الأصل في النفي بلم إلخ ) ولأن مقابلته بقوله فإذا وقعت إلخ ظاهر في ذلك ( قوله أو إجمال ) الظاهر أو احتمال وكذا في النقل عن ابن دقيق العيد فيحتمل أن المراد بالإجمال المسامحة من قبيل التجوز فليتأمل . وقد يراد به معنى التساهل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              كتاب الشفعة

                                                                                                                              ( قوله بإسكان الفاء ) إلى قوله كذا قيل في النهاية إلا لفظة أو نصيبه ( قوله بإسكان الفاء ) أي وضم الشين . ا هـ مغني ( قوله من الشفع ) عبارة المغني والبرماوي مأخوذة من الشفع بمعنى الضم على الأشهر من شفعت الشيء ضممته سميت بذلك لضم نصيب الشريك إلى نصيبه وبمعنى التقوية أو الزيادة وقيل من الشفاعة . ا هـ أي فالمأخوذ أخص من المأخوذ منه كما هو الأصل في النقل ( قوله إليه ) أي نفسه أو نصيبه ( قوله أو من الشفاعة ) عطف كقوله الآتي أو من الزيادة إلخ على قوله من الشفع ( قوله كان بها ) أي بالشفاعة ( قوله أو من الزيادة والتقوية ) المناسب أو التقوية ؛ لأنهما مأخذان مختلفان قال بكل منهما قائل وانظر اللفظ المستعمل في الزيادة والتقوية هل هو لفظ الشفع أو الشفاعة أو غيرهما . ا هـ رشيدي أقول قد علم مما مر عن المغني أن المستعمل فيهما لفظ الشفع ( قوله والتقوية ) عطف مغاير . ا هـ ع ش ( قوله ويرجعان لما قبلهما ) أي يرجع الزيادة والشفاعة إلى الشفع ؛ لأن الشفاعة في اللغة مدلولها أيضا الزيادة فيصير مآل الكل إلى الزيادة قاله الكردي وقوله : لأن الشفاعة إلخ أي والشفع في اللغة إلخ وعبارة ع ش قوله ويرجعان أي الزيادة والتقوية لما قبلهما أي من قوله أو من الشفاعة وذلك ؛ لأن أقل ما يزاد عليه الواحد والمزيد عليه وتر والزائد إذا انضم إلى الواحد كان المجموع ضد الوتر . ا هـ

                                                                                                                              أقول قوله وذلك ؛ لأن إلخ لا يفيد الرجوع للشفاعة بل للشفيع فمقتضى تعليله الموافق لما مر عن المغني أن يفسر ما قبلهما بالشفع ويحتمل أن ما كناية عن الشفع والشفاعة ففي كلامه نشر على ترتيب اللف ( قوله وشرعا ) إلى قوله كذا قيل في المغني إلا قوله وقوله لم يقسم إلى والعفو ( قوله وشرعا ) عطف على لغة ( قوله حق تملك ) أي استحقاق التملك ، وإن لم يوجد التملك ( قوله قهري ) بالرفع أو الجر صفة للمضاف أو المضاف إليه ( قوله واستحداث إلخ ) عطف على مؤنة أي وإنما ثبتت الشفعة ليدفع الشفيع ضرر مؤنة القسمة وضرر استحداث المرافق لو لم يأخذ بالشفعة . ا هـ بجيرمي ويجوز العطف على القسمة أيضا ( قوله وغيرها ) انظر ما المراد بغير المرافق وقد أسقطه النهاية والمغني وشرح المنهج ( قوله الصائرة إليه ) أي الشفيع بالقسمة لو طلبها المشتري . ا هـ بجيرمي ( قوله وقيل ضرر سوء المشاركة ) وينبني على القولين أنا إن قلنا بالأول لم تثبت الشفعة فيما لو قسم بطلت منفعته المقصودة كحمام ورحى صغيرين وهو الأصح الآتي ، وإن قلنا بالثاني ثبتت فاندفع قول الشهاب سم ما المانع من القول بهما رشيدي و ع ش وقد يجاب بأن مراد سم بقوله بهما دفع الضررين معا وهذا لا يوجد في نحو الحمام الصغير ( قوله ولكونها ) أي الحصة المأخوذة بالشفعة ( قوله إشارة إلى استثنائها منه ) في الاستثناء شيء لعدم دخولها في الغصب لخروجها عنها بقيد عدوانا أو بغير حق إلا أن يراد الإشارة إلى أنها كأنها مستثناة منه . ا هـ سم عبارة المغني وذكرت عقب الغصب ؛ لأنها تؤخذ قهرا فكأنها مستثناة من تحريم أخذ مال الغير [ ص: 54 ] قهرا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله الإجماع إلخ ) عبارة المغني وحكى ابن المنذر فيها الإجماع لكن نقل الرافعي عن جابر بن زيد من التابعين إنكارها قال الدميري ولعل ذلك لم يصح عنه . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله في كل ما لم يقسم ) أي مشترك لم يقسم ؛ لأن عدم القسمة يستلزم الشركة ولرواية مسلم { في كل شركة لم تقسم } . ا هـ ع ش ( قوله فإذا وقعت الحدود ) معنى وقوع الحدود وتصريف الطرق أنه حصلت القسمة بالفعل فصار كل منهما جارا للآخر بعد أن كان شريكا ولا شفعة للجار ع ش . ا هـ بجيرمي ( قوله وصرفت إلخ ) هو بالتشديد أي ميزت وبينت . ا هـ ع ش وفي البجيرمي قال سم بالتخفيف أي فرقت أي جعل لكل طريق فإن فرقت الطريق المشتركة وجعلت بين الشركاء فهو عطف مغاير إذ لا يلزم من وقوع الحدود بيان الطرق . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأن الأصل في النفي إلخ ) ولأن مقابلته بقوله فإذا وقعت إلخ ظاهر في ذلك ا هـ سم ( قوله بخلافه بلا ) فيكون في الممكن وغيره ا هـ ع ش أقول قضية قول الشارح كالنهاية واستعمال أحدهما إلخ أن لا بعكس لم فالأصل في المنفي بلا الامتناع فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله تجوز ) أي مجاز إن وجدت قرينة ظاهرة على المراد كما في قوله تعالى { لم يلد ولم يولد } وإذا لم تكن قرينة معينة لخصوص المراد كان اللفظ باقيا على إجماله لم تتضح دلالته ع ش . ا هـ بجيرمي وقوله وإذا لم تكن قرينة معينة أي بل قرينة صارفة عن الإمكان في لم ، وعن الامتناع في لا ، فإذا لم تنصب قرينة أصلا فيحمل اللفظ على المعنى الحقيقي من الإمكان في الأولى والامتناع في الثانية فلا يكون في الكلام تجوز ولا إجمال ( قوله والعفو عنها أفضل ) ظاهره ، وإن اشتد إليها حاجة الشريك القديم فيكون ذلك من باب الإيثار وهو أولى لكنه حيث لم تدع إليها ضرورة كالاحتياج للماء للطهارة بعد دخول الوقت ومحله أيضا حيث لم يترتب على الترك معصية ، وإلا كأن يكون المشتري مشهورا بالفجور فينبغي أن يكون الأخذ مستحبا بل واجبا إن تعين طريقا لدفع ما يريده المشتري من الفجور ثم . ا هـ ع ش ( قوله أو مغبونا ) عطف سبب على مسبب أي فيكون الأخذ أفضل . ا هـ ع ش ( قوله والصيغة إنما تجب إلخ ) أي فلا حاجة إلى عدها ركنا بل لا يصح . ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية