الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ البراء بن معرور وصلاته إلى الكعبة ]

قال ابن إسحاق : حدثني معبد بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين ، أخو بني سلمة ، أن أخاه عبد الله بن كعب ، وكان من أعلم الأنصار ، حدثه أن أباه كعبا حدثه ، وكان كعب ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ، قال : خرجنا في حجاج قومنا من المشركين ، وقد صلينا وفقهنا ، ومعنا البراء بن معرور ، سيدنا وكبيرنا ، فلما وجهنا لسفرنا ، وخرجنا من المدينة ، قال البراء لنا : يا هؤلاء ، إني قد رأيت رأيا ، فوالله ما أدري ، أتوافقونني عليه ، أم لا ؟ قال : قلنا : وما ذاك ؟ قال : قد رأيت أن لا أدع هذه البنية مني بظهر ، يعني الكعبة ، وأن أصلي إليها . قال : فقلنا ، والله ما بلغنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصلي إلا إلى الشام وما نريد أن نخالفه . قال : فقال : إني لمصل إليها . قال : فقلنا له : لكنا لا نفعل . قال : فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام ، وصلى إلى الكعبة ، حتى قدمنا مكة قال : وقد كنا عبنا عليه ما صنع ، وأبى إلا الإقامة على ذلك . فلما قدمنا مكة قال لي : يا ابن أخي ، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى نسأله عما صنعت في سفري هذا ، فإنه والله لقد وقع في نفسي منه شيء ، لما رأيت من خلافكم إياي فيه . قال : فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنا لا نعرفه ، ولم نره قبل ذلك فلقينا رجلا من أهل مكة ، فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل تعرفانه ؟ فقلنا : لا ، قال : فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه ؟ قال : قلنا : نعم - قال : وقد كنا نعرف العباس ، كان لا يزال يقدم علينا تاجرا - قال : فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس . قال . فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس معه ، فسلمنا ثم [ ص: 440 ] جلسنا إليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس : هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل ؟ قال : نعم ، هذا البراء بن معرور ، سيد قومه ، وهذا كعب ( بن ) مالك . قال : فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشاعر ؟ قال : نعم . ( قال ) : فقال ( له ) البراء بن معرور : يا نبي الله ، إني خرجت في سفري هذا ، وقد هداني الله للإسلام ، فرأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر ، فصليت إليها ، وقد خالفني أصحابي في ذلك ، حتى وقع في نفسي من ذلك شيء ، فماذا ترى يا رسول الله ؟ قال : ( قد ) كنت على قبلة لو صبرت عليها . قال : فرجع البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصلى معنا إلى الشام . قال : وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات ، وليس ذلك كما قالوا ، نحن أعلم به منهم . قال ابن هشام : وقال عون بن أيوب الأنصاري :

:


ومنا المصلي أول الناس مقبلا على كعبة الرحمن بين المشاعر

يعني البراء بن معرور . وهذا البيت في قصيدة له .

التالي السابق


الخدمات العلمية