الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 20 ] وصلاة الليل أفضل من النهار ، وأفضلها وسط الليل ، والنصف الأخير أفضل من الأول .

                                                                                                                          وصلاة الليل مثنى مثنى ، وإن تطوع في النهار بأربع ، فلا بأس . والأفضل مثنى .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وصلاة الليل أفضل من النهار ) لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) . رواه مسلم ، وقال عمرو بن العاص : ركعة بالليل خير من عشر ركعات بالنهار . رواه ابن أبي الدنيا ، ولأنها أبلغ في الإسرار ، وأقرب إلى الإخلاص ; فالتطوع المطلق أفضله صلاة الليل . قال أحمد : ليس بعد المكتوبة أفضل من قيام الليل ، وهل هي أفضل من السنن الراتبة ؛ فيه خلاف . ( وأفضلها وسط الليل ) : ذكره جماعة منهم في " الوجيز " . قال آدم بن أبي إياس : حدثنا أبو هلال الراسبي ، عن الحسن مرفوعا : ( أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل الأوسط ) وفي الصحيح مرفوعا : ( أفضل الصلاة صلاة داود ; كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ) ويروى أن داود عليه السلام قال : يا رب ، أي وقت أقوم لك ، قال : لا تقم أول الليل ، ولا آخره ، ولكن وسط الليل حتى تخلو بي ، وأخلو بك ، ولم يذكر " الكافي " و " المذهب " أن الأوسط أفضل ، وفي ( الرعاية ) : آخره خير ثم وسطه . ( والنصف الأخير أفضل من الأول ) لقوله تعالى كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون [ الذاريات : 17 ، 18 ] وورد أن العرش يهتز وقت السحر ، وفي الصحيح مرفوعا قال : ( ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ; فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؛ من يسألني فأعطيه ؛ من يستغفرني فأغفر له ؛ ) ومن الثلث الأوسط ، والثلث بعد النصف أفضل مطلقا . نص عليه ، وعنه : الاستغفار في السحر أفضل من الصلاة ، ولا يقومه كله [ ص: 21 ] إلا ليلة عيد ، وقيامه كله عمل الأقوياء حتى ولا ليالي العشر ، قال أحمد : إذا نام بعد تهجده لم يبن عليه السهر ، وقيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر ، والناشئة لا تكون إلا بعد رقدة ، وتكره مداومة قيام الليل ; وهو مستحب إلا على النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وصلاة الليل مثنى مثنى ) متفق عليه ; فإن زاد على ذلك فاختار ابن شهاب والمؤلف أنه لا يصح ، قال أحمد فيمن قام في التراويح إلى ثالثة : يرجع وإن قرأ ; لأن عليه تسليما ، ولا بد ، للخبر ، وعنه : يصح مع الكراهة ، ذكره جماعة ; وهو المشهور ، وسواء علم العدد ، أو نسيه . قوله : مثنى ، هو معدول عن اثنتين اثنتين ; ومعناه معنى المكرر ، فلا يجوز تكريره ، وإنما كرره عليه السلام للفظ لا للمعنى ، وذكر الزمخشري : منعت الصرف للعدلين عدلها عن صيغتها ، وعدلها عن تكرارها . ( وإن تطوع في النهار بأربع ) كالظهر ( فلا بأس ) لفعله عليه السلام . رواه النسائي من حديث علي ، وعن ابن عمر نحوه ، وعن أبي أيوب مرفوعا ( من تطوع قبل الظهر أربعا لا يسلم فيهن تفتح له أبواب السماء ) . رواه أبو داود ، والترمذي ، وصححه البخاري ، وإن لم يجلس إلا في آخرهن ; فقد ترك الأولى ، يقرأ في كل ركعة مع الفاتحة سورة ; فإن زاد على أربع نهارا كره . رواية واحدة ، وفي الصحة روايتان . قاله في " المذهب " وقدم في " الفروع " الصحة [ ص: 22 ] ( والأفضل مثنى ) لما روى علي بن عبد الله البارقي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) . رواه الخمسة ، وصححه البخاري ، وقال أحمد : إسناده جيد ، وعلي بن عبد الله روى له مسلم ، ولأنه أبعد من السهو ، وأشبه بصلاة الليل ، وقيل : لا يصح إلا مثنى . ذكره في المنتخب . زيادة : كثرة ركوع وسجود أفضل من طول قيام ، وقيل : نهارا . وعنه : طول القيام ، قدمه في " الرعاية " ، وعنه : التساوي . اختاره المجد وحفيده . وبالجملة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفه أو تطويله ، فالأفضل اتباعه فيه ، وكان أحمد يعجبه أن يكون له ركعات معلومة .



                                                                                                                          الخدمات العلمية