الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      صاحب إفريقية

                                                                                      الملك أبو طاهر يحيى بن الملك تميم بن المعز بن باديس الحميري ، [ ص: 413 ] قام في الملك بعد أبيه ، وخلع على قواده وعدل ، وافتتح حصونا ما قدر أبوه عليها ، وكان عالما ، كثير المطالعة ، جوادا ممدحا ، مقربا للعلماء ، وفيه يقول أبو الصلت أمية الشاعر

                                                                                      فارغب بنفسك إلا عن ندى ووغى فالمجد أجمع بين البأس والجود


                                                                                      كدأب يحيى الذي أحيت مواهبه     ميت الرجاء بإنجاز المواعيد


                                                                                      معطي الصوارم والهيف النواعم وال     جرد الصلادم والبزل الجلاميد


                                                                                      إذا بدا بسرير الملك محتبيا     رأيت يوسف في محراب داود

                                                                                      مات يحيى يوم النحر فجأة ، فكان موته وسط النهار سنة تسع وخمسمائة فكانت دولته ثماني سنين ، وخلف لصلبه ثلاثين ابنا ، فتملك منهم ابنه علي ، فقام ستة أعوام ، ومات ، فملكوا ولده الحسن بن علي صبيا مراهقا ، [ ص: 414 ] فامتدت أيامه ، إلى أن أخذت الفرنج طرابلس المغرب بالسيف سنة إحدى وأربعين ، فهرب الحسن من المهدية هو وأكثر أهلها ، ثم انضم إلى السلطان عبد المؤمن .

                                                                                      وقد وقف ليحيى ثلاثة غرباء ، وزعموا أنهم يعملون الكيمياء ، فأحضرهم ليتفرج وأخلاهم ، وعنده قائد عسكره إبراهيم ، والشريف أبو الحسن ، فسل أحدهم سكينا ، وضرب الملك ، فما صنع شيئا ، ورفسه الملك دحرجه ، ودخل مجلسا وأغلقه ، وقتل الآخر الشريف ، وشد إبراهيم بسيفه عليهم ، ودخل المماليك ، وقتلوا الثلاثة ، وكانوا باطنية ، أظن الآمر العبيدي ندبهم لذلك .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية