الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن سكرة

                                                                                      الإمام العلامة الحافظ القاضي أبو علي الحسين بن محمد بن فيره بن حيون بن سكرة الصدفي الأندلسي السرقسطي .

                                                                                      روى عن أبي الوليد الباجي ، ومحمد بن سعدون القروي ، وحج في سنة إحدى وثمانين ، ودخل على أبي إسحاق الحبال وهو [ ص: 377 ] ممنوع من التحديث كما مر .

                                                                                      وسمع بالبصرة من عبد الملك بن شغبة ، وجعفر بن محمد العباداني ، وبالأنبار من خطيبها أبي الحسن ، وببغداد من علي بن قريش ، وعاصم الأديب ، ومالك البانياسي ، وبواسط من محمد بن عبد السلام بن أحمولة ، وحمل " التعليقة " عن أبي بكر الشاشي وأخذ بدمشق عن الفقيه نصر ورجع بعلم جم ، وبرع في الحديث متنا وإسنادا مع حسن الخط والضبط ، وحسن التأليف ، والفقه والأدب مع الدين والخير والتواضع .

                                                                                      قال ابن بشكوال : هو أجل من كتب إلي بالإجازة .

                                                                                      وخرج له القاضي عياض مشيخة ، وأكثر عنه .

                                                                                      وأكره على القضاء ، فوليه بمرسية ، ثم اختفى حتى أعفي .

                                                                                      وتلا بالروايات على ابن خيرون ، ورزق الله ، كتب عنه شيخه الفقيه نصر ثلاثة أحاديث ، وروى عنه ابن صابر ، والقاضي محمد بن يحيى الزكوي ، والقاضي عياض ، فروى عنه " صحيح مسلم " ، أخبرنا به أحمد بن دلهاث العذري .

                                                                                      [ ص: 378 ] استشهد أبو علي في ملحمة قتندة في ربيع الأول سنة أربعة عشرة وخمسمائة وهو من أبناء الستين ، وكانت معيشته من بضاعة له مع ثقات إخوانه ، وخلف كتبا نفيسة ، وأصولا متقنة تدل على حفظه وبراعته .

                                                                                      وتلا أيضا على الحسن بن محمد بن مبشر صاحب أبي عمرو الداني ، ومولده في نحو سنة أربع وخمسين وأربعمائة وكان ذا دين وورع وصون ، وإكباب على العلم ، ويد طولى في الفقه ، لازم أبا بكر الشاشي خمس سنين حتى علق عنه تعليقته الكبرى في مسائل الخلاف ، ثم استوطن مرسية ، وتصدر لنشر الكتاب والسنة ، وتنافس الأئمة في الإكثار عنه ، وبعد صيته ، ولما عزل نفسه من القضاء ، وردت كتب السلطان علي بن يوسف بن تاشفين برجوعه إلى القضاء ، وهو يأبى ، وبقي ذلك أشهرا حتى كتب الطلاب والرحالون كتابا يشكون فيه إلى أمير المؤمنين ابن تاشفين حالهم ونفاد نفقاتهم ، وانقطاع أموالهم ، فسعى له قاضي الجماعة عند أمير المؤمنين ، وبين له وجه عذره ، فسكت عنه .

                                                                                      قال القاضي عياض : لقد حدثني الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر أن أبا علي الحافظ قال له : خذ الصحيح ، فاذكر أي متن شئت منه أذكر لك سنده ، أو أي سند ، أذكر لك متنه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية