الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن الطيوري

                                                                                      الشيخ الإمام ، المحدث العالم المفيد ، بقية النقلة المكثرين أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم بن أحمد بن عبد الله البغدادي الصيرفي ابن الطيوري .

                                                                                      ولد سنة إحدى عشرة وأربعمائة .

                                                                                      سمع أبا القاسم الحرفي ، وأبا علي بن شاذان ، ثم أبا الفرج الطناجيري ، وأبا محمد الخلال ، وابن غيلان ، وأبا الحسن العتيقي ، ومحمد بن علي الصوري ، وعلي بن أحمد الفالي ، وأبا طالب العشاري ، [ ص: 214 ] وعددا كثيرا ، وارتحل ، فسمع بالبصرة أبا علي الشاموخي ، وغيره ، وجمع وخرج ، وسمع مالا يوصف كثرة .

                                                                                      حدث عنه : إسماعيل بن محمد التيمي ، وابن ناصر ، وعبد الخالق اليوسفي ، وأبو طاهر محمد بن أبي بكر السنجي ، وأبو بكر بن السمعاني ، وأبو المعالي الحلواني المروزي ، وأبو طاهر السلفي ، وأبو بكر بن النقور ، وعبد الحق بن يوسف ، وخطيب الموصل ، أبو السعادات القزاز ، وأحمد بن علي العلوي النقيب ، وبشر كثير .

                                                                                      قال أبو سعد السمعاني : كان محدثا مكثرا صالحا ، أمينا صدوقا ، صحيح الأصول ، صينا ورعا وقورا ، حسن السمت ، كثير الخير ، كتب الكثير ، وسمع الناس بإفادته ، ومتعه الله بما سمع حتى انتشرت عنه الرواية ، وصار أعلى البغداديين سماعا ، أكثر عنه والدي ، وكان المؤتمن الساجي يرميه بالكذب ، ويصرح بذلك ، وما رأيت أحدا من مشايخنا الثقات يوافق المؤتمن ، فإني سألت مثل عبد الوهاب وابن ناصر ، فأثنوا عليه ثناء حسنا ، وشهدوا له بالطلب ، والصدق ، والأمانة ، وكثرة السماع ، سمعت سلمان الشحام يقول : قدم أبو الغنائم النرسي ، فانقطعنا عن مجلس ابن الطيوري أياما ، فلما جئنا ابن الطيوري ، قال : ما قطعكم عني ؟ قلنا : قدم فلان كنا نسمع منه ، قال : فأيش أعلى ما عنده ؟ قلنا : حديث البكائي ، فقام الشيخ أبو الحسين ، وأخرج لنا شدة من حديث البكائي ، وقال : هذه سماعي من أبي الفرج بن الطناجيري عنه . قال السمعاني : وأظنني سمعتها من ابن ناصر .

                                                                                      [ ص: 215 ] وقال أبو علي بن سكرة الصدفي : هو الشيخ الصالح الثقة أبو الحسين ، كان ثبتا فهما ، عفيفا متقنا ، صحب الحفاظ ودرب معهم ، سمعت أبا بكر بن الخاضبة يقول : شيخنا أبو الحسين ممن يستشفى بحديثه .

                                                                                      وقال ابن ناصر في إملائه : حدثنا الثقة الثبت الصدوق أبو الحسين .

                                                                                      وقال السلفي : هو محدث مفيد ورع كبير ، لم يشتغل قط بغير الحديث ، وحصل ما لم يحصله أحد من كتب التفاسير والقراءات واللغة ، والمسانيد والتواريخ والعلل والأدبيات والشعر ، كلها مسموعة ، رافق الصوري ، واستفاد منه ، والنخشبي ، وظاهرا النيسابوري . كتب عنه مسعود السجزي ، والحميدي ، وجعفر بن الحكاك ، وأكثروا عنه .

                                                                                      وقال الأمير أبو نصر : هو صديقنا أبو الحسين يعرف بابن الحمامي - مخفف - سمع خلقا ، وهو من أهل الخير والعفاف والصلاح .

                                                                                      قال ابن سكرة : ذكر لي شيخنا أبو الحسين أن عنده نحو ألف جزء بخط الدارقطني ، أو أخبرت عنه بذلك ، وأخبرني أن عنده أربعة وثمانين مصنفا لابن أبي الدنيا .

                                                                                      انتقى السلفي عدة أجزاء من الفوائد والنوادر على ابن الطيوري [ ص: 216 ] وكتب الحديث ابن إحدي عشرة سنة .

                                                                                      وقال أبو نصر اليونارتي : هو ثقة ثبت ، كثير الأصول ، يحب العلم وأهله ، وقد وصفوه بالمعرفة ، وسعة الرواية ، وكان دينا صالحا ، رحمه الله .

                                                                                      مات في نصف ذي القعدة سنة خمسمائة عن تسعين سنة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية