الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب بطلان بيع المبيع قبل القبض

                                                                                                                1525 حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا حماد بن زيد ح وحدثنا أبو الربيع العتكي وقتيبة قالا حدثنا حماد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه قال ابن عباس وأحسب كل شيء مثله حدثنا ابن أبي عمر وأحمد بن عبدة قالا حدثنا سفيان ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا وكيع عن سفيان وهو الثوري كلاهما عن عمرو بن دينار بهذا الإسناد نحوه

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه قال ابن عباس : وأحسب كل شيء مثله . وفي رواية ( حتى يقبضه ) وفي رواية ( من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يكتاله ) فقلت لابن عباس : لم ؟ قال : ألا تراهم يتبايعون بالذهب والطعام مرجأ ؟ . وفي رواية ابن عمر قال : ( كنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتاع الطعام ، فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه ) وفي رواية ( كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه ) وفي رواية عن ابن عمر ( أنهم كانوا يضربون [ ص: 131 ] على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعاما جزافا أن يبيعوه في مكانه حتى يحولوه ) وفي رواية ( رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ابتاعوا الطعام جزافا يضربون أن يبيعوه في مكانهم ذلك حتى يؤووه إلى رحالهم ) .

                                                                                                                قوله : ( مرجأ ) أي مؤخرا ويجوز همزه وترك همزه .

                                                                                                                ( والجزاف ) بكسر الجيم وضمها وفتحها ثلاث لغات الكسر أفصح وأشهر ، وهو البيع بلا كيل ولا وزن ولا تقدير .

                                                                                                                وفي هذا الحديث جواز بيع الصبرة جزافا وهو مذهب الشافعي ، قال الشافعي وأصحابه : بيع الصبرة من الحنطة والتمر وغيرهما جزافا صحيح وليس بحرام .

                                                                                                                وهل هو مكروه؟ فيه قولان للشافعي : أصحهما مكروه كراهة تنزيه ، والثاني ليس بمكروه . قالوا : والبيع بصبرة الدراهم جزافا حكمه كذلك .

                                                                                                                ونقل أصحابنا عن مالك أنه لا يصح البيع إذا كان بائع الصبرة جزافا يعلم قدرها .

                                                                                                                وفي هذه الأحاديث النهي عن بيع المبيع حتى يقبضه البائع ، واختلف العلماء في ذلك ، فقال الشافعي : لا يصح بيع المبيع قبل قبضه سواء كان طعاما أو عقارا أو منقولا أو نقدا أو غيره . وقال عثمان البتي : يجوز في كل مبيع . وقال أبو حنيفة : يجوز في كل شيء إلا العقار . وقال مالك : لا يجوز في الطعام ويجوز فيما سواه ، ووافقه كثيرون . وقال آخرون : لا يجوز في المكيل والموزون ويجوز فيما سواهما .

                                                                                                                أما مذهب عثمان البتي فحكاه المازري والقاضي ولم يحكه الأكثرون بل نقلوا الإجماع على بطلان بيع الطعام المبيع قبل قبضه ، قالوا : وأما الخلاف فيما سواه فهو شاذ متروك ، والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية