الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما

أخبرنا أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي المؤذن صاحب الشافعي رحمه الله تعالى قال : سألت الشافعي بأي شيء تثبت الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : قد كتبت هذه الحجة في كتاب " جماع العلم " فقلت : أعد من هذا مذهبك ولا تبال أن يكون فيه في هذا الموضع فقال الشافعي : إذا حدث الثقة عن الثقة حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نترك لرسول الله حديثا أبدا إلا حديثا وجد عن رسول الله حديث يخالفه ، وإذا اختلفت الأحاديث عنه فالاختلاف فيها وجهان : أحدهما أن يكون بها ناسخ ومنسوخ فنعمل بالناسخ ونترك المنسوخ ، والآخر أن تختلف ، ولا دلالة على أيها الناسخ فنذهب إلى أثبت الروايتين فإن تكافأتا ذهبت إلى أشبه الحديثين بكتاب الله وسنة نبيه فيما سوى ما اختلف فيه الحديثان من سنته ولا يعدو حديثان اختلفا عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوجد فيهما هذا أو غيره مما يدل على الأثبت من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مخالف له عنه ، وكان يروى عمن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث يوافقه لم يزده قوة ، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم مستغن بنفسه ، وإن كان يروى عمن دون رسول الله حديث يخالفه لم ألتفت إلى ما خالفه وحديث رسول الله أولى أن يؤخذ به ، ولو علم من روى خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنته اتبعها إن شاء الله فقلت للشافعي : أفيذهب صاحبنا هذا المذهب ؟ قال : نعم في بعض العلم وتركه في بعض قلت : فاذكر ما ذهب إليه صاحبنا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم مما لم يرو عن الأئمة أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي شيئا يوافقه ، فقال : نعم سأذكر من ذلك - إن شاء الله - ما يدل على ما وصفت ، وأذكر أيضا ما ذهب إليه من حديث رسول الله وفيه عن بعض الأئمة ما يخالفه ليكون أثبت للحجة عليكم في اختلاف أقاويلكم فتستغنون مرة بالحديث عن النبي دون غيره وتدعون له ما خالفه ثم تدعون الحديث مرة أخرى بغير حديث يخالفه ( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى ومن ذلك أنه أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس ، قال : وأخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة كلاهما قالا : { إن الشمس خسفت فصلى النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 202 ] ركعتين ووصفاهما في كل ركعة ركعتين } ( قال : الشافعي ) رحمه الله تعالى فأخذنا نحن وأنتم به وخالفنا غيركم من الناس فقال : تصلي ركعتين كصلاة الناس وروى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قوله ، وخالفنا غيرهم من الناس فقال : تصلي ركعتين ، في كل ركعة ثلاث ركعات واحتج علينا بأن ابن عباس صلى في زلزلة ركعتين ، في كل ركعة ثلاث ركعات واحتج علينا غيره بأن علي بن أبي طالب صلى ركعتين ، في كل ركعة أربع ركعات أو خمس وكانت حجتنا عليهم أن الحديث إذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن في أحد بعده حجة لو جاء عنه شيء يخالفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية