الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إذا قاص أو جازفه في الدين تمرا بتمر أو غيره

                                                                                                                                                                                                        2266 حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا أنس عن هشام عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه أخبره أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقا لرجل من اليهود فاستنظره جابر فأبى أن ينظره فكلم جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع له إليه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلم اليهودي ليأخذ ثمر نخله بالذي له فأبى فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل فمشى فيها ثم قال لجابر جد له فأوف له الذي له فجده بعدما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوفاه ثلاثين وسقا وفضلت له سبعة عشر وسقا فجاء جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي كان فوجده يصلي العصر فلما انصرف أخبره بالفضل فقال أخبر ذلك ابن الخطاب فذهب جابر إلى عمر فأخبره فقال له عمر لقد علمت حين مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليباركن فيها

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب إذا قاص أو جازفه في الدين ) أي عند الأداء فهو جائز ( تمرا بتمر أو غيره ) قال المهلب : لا يجوز عند أحد من العلماء أن يأخذ من له دين تمر من غريمه تمرا مجازفة بدينه لما فيه من الجهل والغرر ، وإنما يجوز أن يأخذ مجازفة في حقه أقل من دينه إذا علم الآخذ ذلك ورضي ا هـ . وكأنه أراد بذلك [ ص: 74 ] الاعتراض على ترجمة البخاري ، ومراد البخاري ما أثبته المعترض لا ما نفاه وغرضه بيان أنه يغتفر في القضاء من المعاوضة ما لا يغتفر ابتداء لأن بيع الرطب بالتمر لا يجوز في غير العرايا ، ويجوز في المعاوضة عند الوفاء ، وذلك بين في حديث الباب فإنه - صلى الله عليه وسلم - سأل الغريم أن يأخذ تمر الحائط وهو مجهول القدر في الأوساق التي هي له وهي معلومة ، وكان تمر الحائط دون الذي له كما وقع التصريح بذلك في كتاب الصلح من وجه آخر وفيه " فأبوا ولم يروا أن فيه وفاء " وقد أخذ الدمياطي كلام المهلب فاعترض به فقال : هذا لا يصح . ثم اعتل بنحو ما ذكره المهلب ، وتعقبه ابن المنير بنحو ما أجبت به فقال : بيع المعلوم بالمجهول مزابنة فإن كان تمرا نحوه فمزابنة وربا ، لكن اغتفر ذلك في الوفاء لأن التفاوت متحقق في العرف فيخرج عن كونه مزابنة ، وسيأتي الكلام على بقية فوائده في " علامات النبوة " إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله في هذا الإسناد " حدثنا أنس " هو ابن عياض أبو ضمرة ( وهشام ) هو ابن عروة ، ( ووهب ) هو ابن كيسان والإسناد كله مدنيون .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية