الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 276 ] باب الاشتراك في الطهر إذا وطئ رجلان امرأة في طهر واحد وطئا يلحق النسب من مثله ، فأتت بولد يمكن أن يكون منهما ، مثل أن يطأ الشريكان جاريتهما المشتركة ، أو يطأ الإنسان جاريته ثم يبيعها قبل أن يستبرئها ، فيطؤها المشتري قبل استبرائها ، أو يطؤها رجلان بشبهة أو يطلق رجل امرأته فيتزوجها غيره في عدتها ويطأها ، أو يطأ إنسان جارية آخر أو امرأته بشبهة في الطهر الذي وطئها فيه سيدها أو زوجها ثم تأتي بولد يمكن أن يكون منهما ، فإنه يرى القافة معهما

                                                                                                                                            وهذا قول عطاء ، ومالك ، والليث ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأبي ثور ، فإن ألحقته بأحدهما ، لحق به ، وإن نفته عن أحدهما ، لحق الآخر ، وسواء ادعياه ، أو لم يدعياه ، أو ادعاه أحدهما وأنكره الآخر ، وإن ألحقته القافة بهما ، لحقهما وكان ابنهما . وهذا قول الأوزاعي ، والثوري ، وأبي ثور . ورواه بعض أصحاب مالك عنه

                                                                                                                                            وقال مالك : لا يرى ولد الحرة للقافة ، بل يكون لصاحب الفراش الصحيح دون الواطئ بشبهة . وقال الشافعي : لا يلحق بأكثر من واحد ، فإن ألحقته القافة بأكثر من واحد ، كان بمنزلة أن لا يوجد قافة . ومتى لم يوجد قافة ، أو أشكل عليها ، أو اختلف القائفان في نسبه ، فقال أبو بكر : يضيع نسبه ، ولا حكم لاختياره ، ويبقى على الجهالة أبدا . وهو قول مالك . وقال ابن حامد : يترك حتى يبلغ فينتسب إلى أحدهما . وهو قول الشافعي الجديد

                                                                                                                                            وقال في القديم : يترك حتى يميز ، وذلك لسبع أو ثمان ، فينتسب إلى أحدهما ، ونفقته عليهما ، إلى أن ينتسب إلى أحدهما ، فيرجع الآخر عليه بما أنفق . وإذا ادعى اللقيط ، اثنان ، أري القافة معهما . وإن مات الولد المدعى في هذه المواضع قبل أن يرى القافة ، وله ولد ، أري ولده القافة مع المدعين . ولو مات الرجلان أري القافة مع عصبتهما . وإن ادعاه أكثر من اثنين ، فألحقته القافة بهم ، لحق . وقد نص أحمد على أنه يلحق بثلاثة ، ومقتضى هذا أن يلحق بهم وإن كثروا . وقال القاضي : لا يلحق بأكثر من ثلاثة

                                                                                                                                            وهو قول محمد بن الحسن . وروي عن أبي يوسف وقال ابن حامد : لا يلحق بأكثر من اثنين . وروي أيضا عن أبي يوسف . وقال الثوري ، وأبو حنيفة وأصحابه ، وشريك ، ويحيى بن آدم : لا حكم للقافة ، بل إذا سبق أحدهما بالدعوى ، فهو ابنه . فإن ادعياه معا ، فهو ابنهما . وكذلك إن كثر الواطئون وادعوه معا ، فإنه يكون لهم جميعا وروي عن علي رضي الله عنه أنه قضى في ذلك بالقرعة واليمين . وبه قال ابن أبي ليلى ، وإسحاق وعن أحمد نحوه إذا عدمت القافة

                                                                                                                                            وقد ذكرنا أكثر هذه المسائل مشروحة مدلولا عليها في مواضعها ، والغرض هاهنا ذكر ميراث المدعي ، والتوريث منه ، وبيان مسائله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية