الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل : الاستحسان ) ( قيل ) بالعمل ( به في مواضع ) قال ابن مفلح : أطلق أحمد القول به في مواضع . انتهى . قال في شرح التحرير : قلت قال في رواية الميموني : أستحسن أن يتيمم لكل صلاة . والقياس : أنه بمنزلة الماء حتى يحدث أو يجد الماء . وقال في رواية بكر بن محمد ، فيمن غصب أرضا فزرعها ، الزرع لرب الأرض ، وعليه النفقة ، وليس هذا بشيء يوافق القياس ، ولكن أستحسن أن يدفع إليه النفقة . انتهى . وقاله الحنفية . قال القاضي عبد الوهاب المالكي : لم ينص عليه مالك ، وكتب أصحابنا مملوءة منه كابن القاسم ، وأشهب وغيرهما ، وقال الشافعي : أستحسن المتعة ثلاثين درهما ، وثبوت الشفعة إلى ثلاثة ، وترك شيء من الكتابة ، وأن لا تقطع يمنى سارق أخرج يده اليسرى فقطعت ، والتحليف على المصحف والأشهر عنه : إنكار استحسان وقاله أصحابه ، وقال : من استحسن فقد شرع - بتشديد الراء - أي نصب شرعا على خلاف ما أمر الله سبحانه به ورسوله وأنكره على الحنفية ، وروي عن أحمد أيضا : إنكاره ، فإنه قال : الحنفية تقول : نستحسن هذا وندع القياس ، فندع ما نزعمه الحق بالاستحسان ، وأنا أذهب إلى كل حديث جاء ، ولا أقيس عليه قال القاضي : هذا يدل على إبطاله ، وقال أبو الخطاب : أنكر ما لا دليل له ، قال : ومعنى " أذهب إلى ما جاء [ ص: 596 ] ولا أقيس " أي أترك القياس بالخبر ، وهو الاستحسان بالدليل ، وأول أصحاب الشافعي كلام الشافعي بأنه إنما قال ذلك بدليل ، لكنه سماه استحسانا ; لأنه عده حسنا .

( وهو لغة ) أي في عرف أهل اللغة ( اعتقاد الشيء حسنا ) ( و ) الاستحسان ( عرفا ) أي في عرف الأصوليين ( العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل شرعي ) خاص بتلك المسألة قال الطوفي : مثاله قول أبي الخطاب في مسألة العينة : وإذا اشترى ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن الأول : لم يجز استحسانا وجاز قياسا ، فالحكم في نظائر هذه المسألة من الربويات : الجواز ، وهو القياس ، لكن عدل بها عن نظائرها بطريق الاستحسان ، فمنعت . وحاصل هذا يرجع إلى تخصيص الدليل بدليل أقوى منه في نظر المجتهد ، وحده بعض الحنفية بأنه دليل ينقدح في نفس المجتهد يعجز عن التعبير عنه ، قال في الروضة : ما لا يعبر عنه لا يدرى : أوهم أو تحقيق ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية