الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4954 ) مسألة ; قال ( ومتى قتل المرتد على ردته ، فماله فيء ) اختلفت الرواية عن أحمد في مال المرتد إذا مات ، أو قتل على ردته ، فروي عنه أنه يكون فيئا في بيت مال المسلمين . قال القاضي : هو صحيح في المذهب . وهو قول ابن عباس ، وربيعة ، ومالك ، وابن أبي ليلى ، والشافعي رضي الله عنهم وأبي ثور ، وابن المنذر . وعن أحمد ما يدل على أنه لورثته من المسلمين . وروي ذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعلي ، وابن مسعود رضي الله عنهم وبه قال ابن المسيب ، وجابر بن زيد ، والحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، وعطاء ، والشعبي ، والحكم ، والأوزاعي ، والثوري ، وابن شبرمة ، وأهل العراق . وإسحاق . إلا أن الثوري ، وأبا حنيفة ، واللؤلؤي ، وإسحاق ، قالوا : ما اكتسبه في ردته يكون فيئا . ولم يفرق أصحابنا بين تلاد ماله وطارفه . ووجه هذا القول أنه قول الخليفتين الراشدين ، فإنه يروى عن زيد بن ثابت ، قال : بعثني أبو بكر عند رجوعه إلى أهل الردة أن أقسم أموالهم بين ورثتهم المسلمين . ولأن ردته ينتقل بها ماله ، فوجب أن ينتقل إلى ورثته المسلمين ، كما لو انتقل بالموت . وروي عن أحمد ، رواية ، أن ماله لأهل دينه الذي اختاره ، إن كان منه من يرثه ، وإلا فهو فيء . وبه قال داود . وروي عن علقمة ، وسعيد بن أبي عروة ; لأنه كافر ، فورثه أهل دينه ، كالحربي ، وسائر الكفار . والمشهور الأول ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم } . وقوله : { لا يتوارث أهل ملتين شتى } . ولأنه كافر ، فلا يرثه المسلم ، كالكافر الأصلي ، ولأن ماله مال مرتد ، فأشبه الذي كسبه في ردته ، ولا يمكن جعله لأهل دينه ; لأنه لا يرثهم ، فلا يرثونه ، كغيرهم من أهل الأديان ، ولأنه يخالفهم في حكمهم ; فإنه لا يقر على ما انتقل إليه ، ولا توكل له ذبيحة ، ولا يحل نكاحه إن كان امرأة ، فأشبه الحربي مع الذمي . فإن قيل : إذا جعلتموه فيئا فقد ورثتموه للمسلمين . قلنا : لا يأخذونه ميراثا ، بل يأخذونه فيئا ، كما يؤخذ مال الذمي إذا لم يخلف وارثا ، وكالعشور .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية