الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب صب الماء على البول في المسجد

                                                                                                                                                                                                        217 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة قال قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب صب الماء . أخبرني عبيد الله ) كذا رواه أكثر الرواة عن الزهري ورواه سفيان بن عيينة عنه " عن سعيد بن المسيب " بدل عبيد الله وتابعه سفيان بن حسين فالظاهر أن الروايتين صحيحتان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قام أعرابي ) زاد ابن عيينة عند الترمذي وغيره في أوله " أنه صلى ثم قال : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لقد تحجرت واسعا . فلم يلبث أن بال في المسجد " وهذه الزيادة ستأتي عند المصنف مفردة في الأدب من طريق الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                                        وقد روى ابن ماجه وابن حبان الحديث تاما من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة وكذا رواه ابن ماجه أيضا من حديث واثلة بن الأسقع وأخرجه أبو موسى المديني في الصحابة من طريق محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار قال " اطلع ذو الخويصرة اليماني وكان رجلا جافيا " فذكره تاما [ ص: 387 ] بمعناه وزيادة وهو مرسل ، وفي إسناده أيضا مبهم بين محمد بن إسحاق وبين محمد بن عمرو بن عطاء وهو عنده من طريق الأصم عن أبي زرعة الدمشقي أحمد بن خالد الذهبي عنه وهو في جمع مسند ابن إسحاق لأبي زرعة الدمشقي من طريق الشاميين عنه بهذا السند لكن قال في أوله " اطلع ذو الخويصرة التميمي وكان جافيا " والتميمي هو حرقوص بن زهير الذي صار بعد ذلك من رءوس الخوارج وقد فرق بعضهم بينه وبين اليماني لكن له أصل أصيل واستفيد منه تسمية الأعرابي وقد تقدم قول التاريخي إنه الأقرع ونقل عن أبي الحسين بن فارس أنه عيينة بن حصن والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فتناوله الناس ) أي بألسنتهم وللمصنف في الأدب " فثار إليه الناس " وله في رواية عن أنس " فقاموا إليه " وللإسماعيلي " فأراد أصحابه أن يمنعوه " وفي رواية أنس في هذا الباب " فزجره الناس " وأخرجه البيهقي من طريق عبدان شيخ المصنف فيه بلفظ " فصاح الناس به " وكذا للنسائي من طريق ابن المبارك . فظهر أن تناوله كان بالألسنة لا بالأيدي . ولمسلم من طريق إسحاق عن أنس " فقال الصحابة مه مه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وهريقوا ) وللمصنف في الأدب " وأهريقوا " وقد تقدم توجيهها في باب الغسل في المخضب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سجلا ) بفتح المهملة وسكون الجيم قال أبو حاتم السجستاني : هو الدلو ملأى ولا يقال لها ذلك وهي فارغة . وقال ابن دريد : السجل دلو واسعة . وفي الصحاح : الدلو الضخمة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أو ذنوبا ) قال الخليل : الدلو ملأى ماء . وقال ابن فارس : الدلو العظيمة . وقال ابن السكيت فيها ماء قريب من الملء ولا يقال لها وهي فارغة ذنوب ، انتهى . فعلى الترادف " أو " للشك من الراوي وإلا فهي للتخيير والأول أظهر فإن رواية أنس لم تختلف في أنها ذنوب . وقال في الحديث " من ماء " مع أن الذنوب من شأنها ذلك لكنه لفظ مشترك بينه وبين الفرس الطويل وغيرهما .

                                                                                                                                                                                                        ) قوله : ( فإنما بعثتم ) إسناد البعث إليهم على طريق المجاز لأنه هو المبعوث - صلى الله عليه وسلم - بما ذكر لكنهم لما كانوا في مقام التبليغ عنه في حضوره وغيبته أطلق عليهم ذلك إذ هم مبعوثون من قبله بذلك أي مأمورون . وكان ذلك شأنه - صلى الله عليه وسلم - في حق كل من بعثه إلى جهة من الجهات يقول : يسروا ولا تعسروا .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية