الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4946 ) مسألة ; قال : ( ولا يرث مسلم كافرا ، ولا كافر مسلما ، إلا أن يكون معتقا ، فيأخذ ماله بالولاء ) أجمع أهل العلم على أن الكافر لا يرث المسلم . وقال جمهور الصحابة والفقهاء : لا يرث المسلم الكافر . يروى هذا عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وأسامة بن زيد ، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم . وبه قال عمرو بن عثمان ، وعروة ، والزهري ، وعطاء ، وطاوس ، والحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، وعمرو بن دينار ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، ومالك ، والشافعي ، وعامة ، الفقهاء . وعليه العمل . وروي عن عمر ، ومعاذ ، ومعاوية رضي الله عنهم ، أنهم ورثوا المسلم من الكافر ، ولم يورثوا الكافر من المسلم . وحكي ذلك عن محمد بن الحنفية ، وعلي بن الحسين ، وسعيد بن المسيب ، ومسروق ، وعبد الله بن معقل ، والشعبي ، والنخعي ، ويحيى بن يعمر ، وإسحاق . وليس بموثوق به عنهم . فإن أحمد قال : ليس بين الناس اختلاف في أن المسلم لا يرث الكافر . وروي أن يحيى بن يعمر احتج لقوله ، فقال : حدثني أبو الأسود ، أن معاذا حدثه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { الإسلام يزيد ولا ينقص } ولأننا ننكح نساءهم ، ولا ينكحون نساءنا ، فكذلك نرثهم ، ولا يرثوننا . ولنا ; ما روى أسامة بن زيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا يرث الكافر المسلم ، ولا المسلم الكافر } . متفق عليه . وروى أبو داود بإسناده : عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يتوارث أهل ملتين شتى } . ولأن الولاية منقطعة بين المسلم والكافر ، فلم يرثه ، كما لا يرث الكافر المسلم . فأما حديثهم فيحتمل أنه أراد أن الإسلام يزيد بمن يسلم ، وبما يفتح من البلاد لأهل الإسلام ، ولا ينقص بمن يرتد ، لقلة من يرتد ، وكثرة من يسلم ، وعلى أن حديثهم مجمل ، وحديثنا مفسر ، وحديثهم لم يتفق على صحته ، وحديثنا متفق عليه ، فتعين تقديمه . والصحيح عن عمر ، أنه قال : لا نرث أهل الملل ، ولا يرثوننا . وقال في عمة الأشعث : يرثها أهل دينها . فأما المعتق إذا خالف دينه دين معتقه ، فسنذكره في باب الولاء ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية