الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4943 ) مسألة ; قال : ( والقاتل لا يرث المقتول ، عمدا كان القتل أو خطأ ) أجمع أهل العلم على أن قاتل العمد لا يرث من المقتول شيئا ، إلا ما حكي عن سعيد بن المسيب وابن جبير ، إنهما ورثاه ، وهو رأي الخوارج ; لأن آية الميراث تتناوله بعمومها ، فيجب العمل بها فيه ، ولا تعويل على هذا القول ; لشذوذه ، وقيام الدليل على خلافه . فإن عمر ، رضي الله عنه أعطى دية ابن قتادة المذحجي لأخيه دون أبيه ، وكان حذفه بسيفه فقتله

                                                                                                                                            واشتهرت هذه القصة بين الصحابة رضي الله عنهم ، فلم تنكر ، فكانت إجماعا ، وقال عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ليس للقاتل شيء } رواه مالك في موطئه ، والإمام أحمد بإسناده . وروى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه . رواه ابن اللبان بإسناده ، ورواهما ابن عبد البر في " كتابه " . وروى ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من قتل قتيلا فإنه لا يرثه ، وإن لم يكن له وارث غيره ، وإن كان والده أو ولده ، فليس لقاتل ميراث } رواه الإمام أحمد بإسناده ،

                                                                                                                                            ولأن توريث القاتل يفضي إلى تكثير القتل ; لأن الوارث ربما استعجل موت موروثه ، ليأخذ ماله ، كما فعل الإسرائيلي الذي قتل عمه ، فأنزل الله تعالى فيه قصة البقرة . وقيل : ما ورث قاتل بعد عاميل ، وهو اسم القتيل . فأما القتل خطأ ، فذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لا يرث أيضا . نص عليه أحمد

                                                                                                                                            ويروى ذلك عن عمر ، وعلي ، وزيد ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس ، وروي نحوه عن أبي بكر رضي الله عنه . وبه قال شريح ، وعروة ، وطاوس وجابر بن زيد ، والنخعي ، والشعبي ، والثوري ، وشريك ، والحسن بن صالح ، ووكيع ، والشافعي ويحيى بن آدم ، وأصحاب الرأي . وورثه قوم من المال دون الدية

                                                                                                                                            وروي ذلك عن سعيد بن المسيب ، وعمرو بن شعيب ، وعطاء ، والحسن ، ومجاهد ، والزهري ، ومكحول ، والأوزاعي ، وابن أبي ذئب ، وأبي ثور ، وابن المنذر ، وداود . وروي نحوه عن علي ; لأن ميراثه ثابت بالكتاب والسنة ، تخصص قاتل العمد بالإجماع ، فوجب البقاء على الظاهر فيما سواه . ولنا ; الأحاديث المذكورة ، ولأن من لا يرث من الدية لا يرث من غيرها ، كقاتل العمد ، والمخالف في الدين ، والعمومات مخصصة بما ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية