الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح

                                                                                                                1408 حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها [ ص: 537 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 537 ] باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ) ، وفي رواية : لا تنكح العمة على بنت الأخ ولا ابنة الأخت على الخالة هذا دليل لمذاهب العلماء كافة أنه يحرم الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها ، سواء كانت عمة وخالة حقيقة ، وهي أخت الأب وأخت الأم ، أو مجازية ، وهي أخت أبي الأب وأبي الجد وإن علا ، أو أخت أم الأم وأم الجدة من جهتي الأم والأب وإن علت ، فكلهن بإجماع العلماء يحرم الجمع بينهما . وقالت طائفة من الخوارج والشيعة : يجوز ، واحتجوا بقوله تعالى : وأحل لكم ما وراء ذلكم واحتج الجمهور بهذه الأحاديث وخصوا بها الآية والصحيح الذي عليه جمهور الأصوليين جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحدلأنه ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم مبين للناس ما أنزل إليهم من كتاب الله . وأما الجمع بينهما في الوطء بملك اليمين كالنكاح فهو حرام عند العلماء كافة ، وعند الشيعة مباح . قالوا : ويباح أيضا الجمع بين الأختين بملك اليمين . قالوا : وقوله تعالى وأن تجمعوا بين الأختين وإنما هو في النكاح . قال : وقال العلماء كافة : هو حرام كالنكاح لعموم قوله تعالى : وأن تجمعوا بين الأختين وقولهم : إنه مختص بالنكاح لا يقبل ، بل جميع المذكورات في الآية محرمات بالنكاح وبملك اليمين جميعا ، ومما يدل عليه قوله تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فإن معناه أن ملك اليمين يحل وطؤها بملك اليمين لا نكاحها ، فإن عقد النكاح عليها لا [ ص: 538 ] يجوز لسيدها . والله أعلم . وأما باقي الأقارب كالجمع بين بنتي العم أو بنتي الخالة أو نحوهما فجائز عندنا وعند العلماء كافة إلا ما حكاه القاضي عن بعض السلف أنه حرمه . دليل الجمهور قوله تعالى : وأحل لكم ما وراء ذلكم . والله أعلم .

                                                                                                                وأما الجمع بين زوجة الرجل وبنته من غيرها فجائز عندنا وعند مالك وأبي حنيفة والجمهور ، وقال الحسن وعكرمة وابن أبي ليلى : لا يجوز . دليل الجمهور قوله تعالى : وأحل لكم ما وراء ذلكم وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ) ظاهر في أنه لا فرق بين أن ينكح البنتين معا ، أو تقدم هذه أو هذه ، فالجمع بينهما حرام كيف كان ، وقد جاء في رواية أبي داود وغيره : " لا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى " لكن إن عقد عليهما معا بعقد واحد فنكاحهما باطل ، وإن عقد على إحداهما ثم الأخرى فنكاح الأولى صحيح ، ونكاح الثانية باطل ، والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية